أخبار إنمائية
أخبار إنمائية

دبلن، إيرلندا (أخبار إنمائية) – يحذر خبراء الصحة العامة من أن شركات التبغ والكحول باتت تستخدم الميتافيرس، العالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد، كمنصة جديدة لتسويق منتجاتها للشباب، متجاوزة بذلك القيود التقليدية المفروضة على الإعلانات.

وجاء في تقرير قدمته منظمة "فيتال ستراتيجز" خلال مؤتمر السيطرة على التبغ الذي عُقد الشهر الماضي، أن هذه الشركات تعتمد تقنيات رقمية حديثة مثل الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) ورعاية الألعاب الإلكترونية لتعزيز الترويج للتدخين واستخدام السجائر الإلكترونية.

وقالت الدكتورة ميلينا ماغسومبول من منظمة فيتال ستراتيجز في الهند: "شركات التبغ لم تعد تنتظر التشريعات لتلاحقها، فهي تتقدم علينا بخطوات كبيرة، وتستخدم الرموز غير القابلة للاستبدال والفعاليات التفاعلية لجذب الشباب لمعرفة ما تعرضه."

يندرج هذا التقرير ضمن مشروع "كاناري"، الذي يرصد حملات تسويق التبغ على منصات التواصل الاجتماعي في دول مثل الهند وإندونيسيا والمكسيك، ويخطط المشروع لتوسيع رقعته لتشمل البرازيل والصين، بالإضافة إلى مراقبة تسويق منتجات الكحول.

ورغم أن المشروع لم يبدأ برصد محتوى الميتافيرس بشكل مباشر، إلا أنه يعثر على إشارات مرتبطة بتسويق هذه المنتجات عبر منشورات على منصات التواصل التقليدية. ويحذر الباحثون من أن أكثر من نصف مستخدمي الميتافيرس تقل أعمارهم عن 13 عاماً، مما يعرض الأطفال لخطر التعرض لهذه الحملات.

وأضافت ماغسومبول: "تُستغل المنصات الرقمية لتجاوز القيود الإعلانية التقليدية واستهداف جمهور الشباب بشكل مباشر."

وأشارت الدكتورة ماري-آن إتيبيت، المديرة التنفيذية لفيتال ستراتيجز، إلى أن خبرة شركات التبغ في إثارة الإدمان مجتمعة مع مهارات وسائل التواصل الاجتماعي في جذب الانتباه تشكل مزيجاً خطيراً.

وقالت: "حين يلتقي هذان الأمران في فضاء غير منظم وغير شفاف، يصبح الأمر مقلقاً للغاية."

وكان مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، قد وصف الميتافيرس بأنه مكان يسمح للأشخاص بالقيام "بكل ما يمكن تخيله"، من التسوق إلى حضور الحفلات الافتراضية. غير أن الخبراء يرون فيه أيضاً ساحة جديدة للحملات التسويقية الخفية.

وأوضحت ماغسومبول: "نحن نتصرف بشكل مختلف على الإنترنت، وتتغير الأعراف الاجتماعية، وصناعة التبغ تدرك ذلك جيداً. ومن السهل الترويج بشكل خفي لفكرة أنك تستطيع أن تكون أي شخص ترغب به."

في إندونيسيا، ربطت شركة التبغ الكبرى "جاروم" تسويقها بمجتمعات موسيقية افتراضية على إنستغرام، وشاركت صوراً لأفاتارات تدخن وتشرب القهوة داخل الميتافيرس.

ويحذر الخبراء من أن ذلك يعزز تطبيع التدخين واستخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب، وقد يؤثر على سلوكياتهم في الحياة الواقعية.

وخلال المؤتمر نفسه، أشار باحثون إيرلنديون إلى أن 53% من المراهقين يشاهدون منشورات عن السجائر الإلكترونية يومياً عبر منصات التواصل الاجتماعي. كما ربطت منظمة الصحة العالمية ارتفاع معدلات تدخين الشباب في أوكرانيا بزيادة الوقت الذي يقضونه على الإنترنت خلال جائحة كورونا والحرب الدائرة.

قالت أغامروب كور، سفيرة الشباب في حملة "أطفال بلا تبغ" في الهند، إن تعليم الشباب كيفية كشف الإعلانات المخفية للتبغ على الإنترنت أمر ضروري.

وأضافت: "تنمية هذه المهارات منذ سن مبكرة أمر حيوي للغاية."

تدعو اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية للسيطرة على التبغ إلى حظر إعلانات التبغ والترويج لها عبر كافة الوسائل، بما فيها الرقمية. غير أن الجهات التنظيمية تواجه صعوبة في تطبيق هذه القوانين على منصات الإنترنت المفتوحة.

وأوضح أندرو بلاك، من أمانة الاتفاقية، أن "تنظيم الإنترنت ليس تحدياً يخص التبغ فقط، بل يمثل أزمة عامة للحكومات في عالم تلاشت فيه الحدود."

وحذرت الدكتورة نانديتا موروكوتلا، نائب رئيس قسم التحليل السلوكي في فيتال ستراتيجز، من أن تجاهل هذه الأساليب التسويقية سيؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل كبير.

وقالت: "ما يبدأ صغيراً ويتجاهله المجتمع، ينمو حتى يصل إلى نقطة انفجار يصعب معها التحكم أو التراجع."