

يقدم تقرير "المشهد العالمي لتمويل المناخ 2023" تحليلًا معمقًا لتدفقات تمويل المناخ على مستوى العالم، مسلطًا الضوء على الاتجاهات، والفجوات، وحجم الاستثمارات المطلوبة لتحقيق الأهداف المناخية. يكشف التقرير أن تمويل المناخ العالمي بلغ متوسطًا سنويًا قدره 1.3 تريليون دولار في 2021/2022، أي ما يقرب من الضعف مقارنة بمستويات 2019/2020. ومع ذلك، لا يمثل هذا المبلغ سوى 1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهناك حاجة إلى استثمارات تزيد بمقدار خمسة أضعاف—ما بين 8 إلى 9 تريليونات دولار سنويًا بحلول عام 2030 للحفاظ على الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية. ويُعزى الارتفاع في التمويل بشكل أساسي إلى تمويل التخفيف من تغير المناخ، وخاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والنقل. ومع ذلك، لا يزال التمويل يتركز في عدد قليل من المناطق، حيث استحوذت الصين والولايات المتحدة وأوروبا والبرازيل واليابان والهند على 90% من التدفقات المالية المناخية المتزايدة. في المقابل، تلقت البلدان منخفضة الدخل، الأكثر عرضة لتغير المناخ، أقل من 3% من التمويل المناخي العالمي. كما يشير التقرير إلى أنه على الرغم من زيادة مشاركة القطاع الخاص، فإنها لا تزال غير كافية، خاصة في مجال التكيف مع تغير المناخ، الذي لا يزال يعتمد بنسبة 98% على التمويل العام.
يسلط التقرير الضوء على الفجوات القطاعية الرئيسية، مشيرًا إلى أن قطاعي الطاقة والنقل يحصلان على الحصة الأكبر من تمويل التخفيف، بينما تظل قطاعات الزراعة والغابات واستخدام الأراضي (AFOLU) والصناعة تعاني من نقص حاد في التمويل، على الرغم من إمكاناتها الكبيرة في خفض الانبعاثات. كما أن الاستثمار في التقنيات الناشئة مثل تخزين البطاريات والهيدروجين واحتجاز الكربون يشهد نموًا ولكنه لا يزال دون المستويات المطلوبة بكثير. بالإضافة إلى ذلك، فإن تمويل التكيف لا يزال متأخرًا—حيث وصل إلى رقم قياسي بلغ 63 مليار دولار، لكنه لا يزال أقل بكثير من المبلغ المطلوب البالغ 212 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030 للدول النامية وحدها. ويؤكد التقرير على الحاجة الملحة لإصلاح الأنظمة المالية، موصيًا بزيادة التمويل المختلط، والقروض الميسرة، والسندات الخضراء، والشراكات بين القطاعين العام والخاص لسد الفجوات الاستثمارية. كما يسلط الضوء على أهمية تحسين تتبع البيانات، وزيادة الشفافية المالية، وتحفيز رأس المال المحلي في الاقتصادات النامية. وبدون زيادة كبيرة في تمويل المناخ، يواجه العالم تأخيرًا في العمل المناخي، وارتفاعًا في الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالمناخ، وتفاقمًا في عدم المساواة الاجتماعية.