


يقدم تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لعام 2023 نظرة شاملة ومتكاملة عن أحدث ما توصل إليه العلم بشأن تغير المناخ على الصعيد العالمي. ويؤكد التقرير، بثقة عالية، أن الأنشطة البشرية، وخاصة انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات والعمليات الصناعية، تسببت بشكل لا لبس فيه في ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 1.1 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة (1850–1900). وقد أدى هذا الاحترار إلى تغيّرات واسعة النطاق في الغلاف الجوي والمحيطات والغطاء الجليدي والأنظمة البيولوجية. كما تسبب تغير المناخ بالفعل في آثار شديدة وواسعة النطاق على النظم البيئية والإنسانية، بما في ذلك زيادة وتيرة وشدة موجات الحر، وهطول الأمطار الغزيرة، وارتفاع مستوى سطح البحر، وانحسار الأنهار الجليدية، وفقدان التنوع البيولوجي، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والمائي. وتتحمل الفئات الأكثر ضعفًا، لا سيما في البلدان الأقل نموًا، والدول الجزرية الصغيرة، والمجتمعات الأصلية، العبء الأكبر لهذه الآثار رغم أنها الأقل مساهمة في أسبابها.
ورغم تزايد الجهود السياسية الدولية مثل اتفاق باريس، لا تزال إجراءات التكيف والتخفيف دون المستوى المطلوب من حيث الحجم والسرعة. وتُظهر الابتكارات التكنولوجية في مجالات الطاقة المتجددة والتنقل الكهربائي والبنية التحتية منخفضة الانبعاثات بوادر واعدة، خاصة مع انخفاض تكاليفها بشكل سريع. ومع ذلك، لا تزال الانبعاثات ترتفع في جميع القطاعات الرئيسية، كما أن التمويل العالمي للعمل المناخي لا يرقى إلى حجم الحاجة. ويشدد التقرير على أن الحد من الاحترار إلى 1.5 أو 2 درجة مئوية يتطلب خفضًا فوريًا وعميقًا ومستدامًا للانبعاثات. كما يشير إلى أن دمج مفاهيم العدالة والإنصاف والتنمية القادرة على التكيف مع المناخ في السياسات هو أمر أساسي. ويُعد التحول الجذري في الحوكمة، واتخاذ قرارات شاملة تشاركية، وتغيير الأنظمة في مجالات الطاقة، واستخدام الأراضي، والأنظمة الحضرية، والقطاعات الصناعية، من المسارات العاجلة والقابلة للتنفيذ لتفادي أشد آثار تغير المناخ.