الرياض (أخبار إنمائية) — أعلنت المملكة العربية السعودية عن التزام استثماري تاريخي بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة كجزء من شراكة استراتيجية تم الكشف عنها في منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي الذي عُقد في الرياض في 13 مايو. وجمع الحدث رفيع المستوى، الذي أطلق عليه اسم "MAGA في الصحراء"، كبار الشخصيات في قطاعي التكنولوجيا والتمويل، بما في ذلك إيلون ماسك (تسلا)، سام ألتمان (أوبن إيه آي)، آندي جاسي (أمازون)، لاري فينك (بلاك روك)، أليكس كارب (بالانتير)، وجين فريزر (سيتي جروب)، لمناقشة الفرص التحويلية في مجالات الذكاء الاصطناعي، العملات الرقمية، التكنولوجيا الصحية، والدفاع.

يتماشى المنتدى مع رؤية السعودية 2030 وأجندة "أمريكا أولاً" لإدارة ترامب، ويمثل خطوة مهمة في تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين. تهدف الشراكة الاستراتيجية إلى تعزيز اقتصادات البلدين من خلال توطين الصناعات الرئيسية، وإعادة توطين التصنيع، وتعزيز التعاون التكنولوجي. تشمل الطموحات الكبرى للقمة دفع السعودية لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز هيمنتها في مجال التكنولوجيا وقدرات التصنيع.

إعلانات كبيرة وصفقات استراتيجية

سلط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الضوء على التزام المملكة ليس فقط بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، بل بزيادة هذا الرقم إلى تريليون دولار في السنوات القادمة. وتشمل هذه الالتزامات أكبر اتفاقية دفاع في التاريخ، حيث تعهدت السعودية بشراء أسلحة أميركية بقيمة 142 مليار دولار. كما تم توقيع عشرات الاتفاقيات التجارية مع شركات كبرى مثل أمازون، وAMD، وأوبر، مما يشير إلى موجة من التعاون التكنولوجي واللوجستي.

في خطوة استراتيجية لتعزيز الاتصال العالمي، سمحت السعودية لخدمة ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس بتقديم خدماتها في مجالات الطيران والشحن البحري. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة تأجير الطائرات السعودية، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة (PIF)، عن شراء 30 طائرة بوينغ 737 ماكس، مما يعزز رؤيتها للريادة في النقل الإقليمي.

التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا

خلال القمة، كشفت المملكة عن مبادرتها الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي "Humain"، وهي شركة مدعومة من صندوق الاستثمارات العامة (PIF) تهدف إلى تعزيز الابتكار في مراكز البيانات من الجيل القادم، ونماذج الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، والبنية التحتية الرقمية في قطاعات الطاقة، والرعاية الصحية، والتصنيع، والخدمات المالية. كما تم الإعلان عن شراكة تاريخية مع شركة إنفيديا، حيث حصلت "Humain" على 18,000 من رقائق Blackwell من إنفيديا لدعم مشاريعها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن تسرّع هذه الشراكة من تطور الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وتضع معيارًا جديدًا للقدرات الحاسوبية.

أشاد ترامب بولي العهد قائلاً إن تحول السعودية كان استثنائياً، وأنها في طريقها لتصبح عاصمة الأعمال الكبرى. وأضاف ترامب: "بعد عقود من الصراع، أخيرًا أصبح في متناول أيدينا الوصول إلى المستقبل الذي كانت الأجيال السابقة تحلم به فقط، أرض السلام والأمان والانسجام والفرص والابتكار والإنجازات هنا في الشرق الأوسط."

معالم دبلوماسية وتأثيرات إقليمية

في إعلان مفاجئ خلال خطاب الرئيس ترامب، كشفت الولايات المتحدة عن خطط لرفع العقوبات عن سوريا، مشيدة بدور ولي العهد محمد بن سلمان في التوسط للوصول إلى هذا الاتفاق. كما تعهد ترامب بدعم الحكومة الجديدة في لبنان، مشيرًا إلى رغبته في "مساعدتهم"، مما يعكس تحولًا في السياسة الخارجية الأميركية نحو الاستقرار الإقليمي.

يمثل منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي 2025 أكثر من مجرد شراكة اقتصادية؛ إنه مخطط استراتيجي لإعادة تعريف الدبلوماسية الاقتصادية والمرونة في مواجهة التحديات العالمية. ومع تنسيق استراتيجياتهما الصناعية، تمهد المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الطريق لعصر جديد من الابتكار التكنولوجي التعاوني والنمو المستدام.