أبو ظبي (أخبار إنماية) — يُعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) قوة محورية ناشئة في السعي العالمي نحو تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية، حيث يقدّم إمكانيات تحويلية في إنتاج الطاقة وإدارتها واستهلاكها. ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على الطاقة من قِبل تقنيات الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا مزدوجًا يتعيّن على الجهات المعنية التعامل معه لضمان تقدم مستدام.

يُسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين كفاءة أنظمة الطاقة. فهو يعزز من مرونة شبكات الكهرباء، ويتوقع الطلب على الطاقة، ويُدمج مصادر الطاقة المتجددة بفعالية أكبر، ما يقلل من الفاقد ويحسن الأداء. كما أن الصيانة التنبؤية التي يدعمها الذكاء الاصطناعي تتيح الكشف المبكر عن الأعطال المحتملة في البنية التحتية، ما يقي من الأعطال المكلفة ويضمن استمرارية التزويد بالطاقة.

تشير التقديرات إلى أن هذه التطورات يمكن أن تسهم في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بنسبة تتراوح بين 5 و10% بحلول عام 2030، أي ما يعادل الانبعاثات السنوية للاتحاد الأوروبي بأكمله.

ومع هذه الفوائد، يبرز التحدي المتمثل في الاستهلاك المتزايد للطاقة من قبل تقنيات الذكاء الاصطناعي. فعملية بحث واحدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تستهلك ما يقارب عشرة أضعاف الطاقة مقارنة بالبحث العادي على الإنترنت. وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2030، قد يرتفع الطلب العالمي على الكهرباء من مراكز البيانات، والمحفَّزة بشكل أساسي بالذكاء الاصطناعي، بنسبة 18–20% سنويًا، ليصل إلى أكثر من 1,000 تيراواط/ساعة أي ما يقارب ربع الطلب الحالي على الكهرباء في الولايات المتحدة.

ولتقليل هذه التحديات، يُوصى بأن تعتمد شركات الطاقة الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها لتعزيز الكفاءة وتسريع الانتقال نحو الطاقة المتجددة. يمكن لتقنيات تحسين الطلب عبر الذكاء الاصطناعي وتنويع مصادر الطاقة أن تساهم في تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة، مع تقليل التكاليف التشغيلية بنسبة تصل إلى 15%، وزيادة الإنتاجية بنسبة 10%.

وتُعد شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) مثالاً يُحتذى به في هذا المجال، إذ تعتمد الذكاء الاصطناعي لتقليل انبعاثات الكربون من عملياتها وتحسين السلامة والكفاءة. تسلط هذه المبادرات الضوء على الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي في بناء مستقبل طاقي مستدام.

وفي ظل التحديات المعقدة لمرحلة انتقال الطاقة، يُعتبر نشر الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي فرصة ومسؤولية في آنٍ معًا. فالموازنة بين إمكانياته التحويلية واستهلاكه للطاقة ستُعد مفتاحًا لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.