أخبار إنمائية
أخبار إنمائية

لبنان (أخبار إنمائية) — تكشف أبرز خمسة مناجم في لبنان عن عمق التاريخ الجيولوجي للبلاد وإمكاناتها الاقتصادية، رغم محدودية احتياطاتها المعدنية مقارنةً بجيرانها.

وبحسب بيانات راجعتها مؤسسة "إنرجي إنتليجنس" ومقرها واشنطن، فإن المناجم والمقالع تنتشر في شمال البلاد وجنوبها وسهل البقاع وجبل لبنان، وتؤدي دورًا محوريًا في قطاعي البناء والصناعة، كما تعكس الهوية البيئية والثقافية للبنان.

ورغم التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه قطاع التعدين، لا تزال هذه المواقع تشكل مصدر دخل أساسي لآلاف العائلات، وتُعدّ في بعض الأحيان معالم ثقافية بارزة.

ويدلّ الانتشار الواسع للمناجم على تنوّع الموارد الطبيعية في لبنان، من الحجر الكلسي والرخام إلى الملح البحري والبازلت، إلى جانب محاولات استكشاف معادن مثل الحديد والتيتانيوم.

ومع تصاعد الضغوط البيئية والتقلبات الاقتصادية، بات قطاع التعدين في لبنان محط اهتمام متجدد، بوصفه محرّكًا اقتصاديًا وجزءًا من التراث الوطني.

ملاحات أنفه

تقع ملاحات أنفه في قضاء الكورة شمالي لبنان، وتُعرف باسم "مناجم الذهب الأبيض" بسبب اعتمادها على تقنيات تقليدية في إنتاج الملح عبر التبخر الشمسي. وتعود أصول هذه الممالح إلى العصر الفينيقي، ما يجعلها من أقدم المرافق الاقتصادية في البلاد.

في ستينيات القرن الماضي، كانت الممالح تمتد على أكثر من مليون متر مربع، لكنها تقلصت اليوم إلى أقل من 200 ألف متر مربع بفعل التوسع العمراني والتدهور البيئي.

ورغم هذا التراجع، لا تزال الممالح تؤمّن مصدر رزق للعائلات المحلية، وقد دعت جهات معنية بالتراث إلى تحويلها إلى محمية طبيعية.

مقالع عرسال

في شمال البقاع، تشتهر منطقة عرسال بمقالع الحجر الكلسي التي تُنتج "الحجر العرسالي"، المعروف بمتانته ولونه الفاتح، ويُستخدم على نطاق واسع في البناء والتزيين المعماري.

تمتد عمليات الاستخراج إلى بلدات مجاورة مثل اللبوة ورأس بعلبك، وتخدم الأسواق المحلية وأسواق التصدير. لكن القلق من الأضرار البيئية دفع إلى المطالبة بممارسات تعدين أكثر استدامة.

مقلع كفرحزير

في قضاء الكورة أيضًا، يُعدّ مقلع كفرحزير من المواقع الرئيسية التي تستخرج الحجر الكلسي لصالح مصانع الإسمنت القريبة، وتديره شركة "هولسيم" العالمية.

وقد واجه الموقع انتقادات من ناشطين بيئيين بسبب تأثيره السلبي على جودة الهواء والمياه والمناظر الطبيعية. وطالب هؤلاء بمراجعة تراخيص التشغيل والنظر في بدائل صديقة للبيئة.

مناجم الحمر في حاصبيا

قرب الحدود الغربية لقضاء حاصبيا جنوبي لبنان، يقع مورد طبيعي أقل شهرة وأكثر تميزًا: الحمر — مادة سوداء لزجة تتكوّن من بقايا نفطية متصلّبة.

اكتُشفت خلال الانتداب الفرنسي، وشهدت عمليات استخراج تجارية حتى أوائل السبعينيات، حين توقفت بسبب الغارات الإسرائيلية. ويُقدّر خبراء أن ما يقارب 8 ملايين طن من هذه المادة ما زال مدفونًا تحت الأرض على مساحة تصل إلى 32 كيلومترًا مربعًا.

وبفضل نقاوتها التي تصل إلى 97%، يمكن استخدام مادة الحمر في صناعة الطلاء والعزل والدواء والمبيدات. ويرى متخصصون لبنانيون أن إعادة إحياء هذا القطاع قد يشكل رافعة اقتصادية مهمة.

إمكانات معدنية غير مُستثمرة

كشفت دراسات جيولوجية في جنوب وشرق لبنان عن وجود آثار صغيرة لمعدن الحديد والتيتانيوم والنحاس، وحتى الذهب، لكن من دون كميات قابلة للاستثمار التجاري حتى الآن.

ويقول الخبراء إن هذه النتائج قد تحمل وعودًا على المدى الطويل، إذا ما استثمر لبنان في البنية التحتية وتبنّى تخطيطًا علميًا ومدروسًا لتطوير القطاع المعدني في المستقبل.

ثروة تستحق الحماية

إن أبرز خمسة مناجم في لبنان ليست مجرد موارد اقتصادية، بل تمثل جزءًا من التراث الطبيعي والثقافي للبلاد. ومع استمرار الأزمات الاقتصادية والمخاطر البيئية، يدعو المختصون إلى إدارة رشيدة لهذه الموارد، توازن بين التنمية والحفاظ على البيئة.