مؤتمر البيئة البحرية في لبنان / السراي الحكومي
مؤتمر البيئة البحرية في لبنان / السراي الحكومي

بيروت، لبنان (أخبار إنمائية) – برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، انعقد اليوم في السراي الحكومي مؤتمر "البيئة البحرية في لبنان"، بتنظيم من وزارة البيئة بالشراكة مع المجلس الوطني للبحوث العلمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

يهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على الواقع البيئي للساحل اللبناني لعام 2025، ومناقشة التحديات والفرص في مجال حماية التنوع البيولوجي البحري والحوكمة البيئية، بمشاركة واسعة من الوزراء والنواب والمجتمع المدني والجهات الدولية.

واستُهل المؤتمر بكلمة للأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبد الله، الذي أشار إلى أهمية البحر كركيزة للأمن البيئي والغذائي، مستعرضاً إنجازات المجلس في مجال الرصد العلمي وتطوير قاعدة بيانات بيئية دقيقة، رغم التحديات الاقتصادية والدمار الذي طال معدات المركز بعد انفجار مرفأ بيروت. كما دعا إلى دعم مستدام للبحث العلمي وربطه بالقطاعات الإنتاجية، مؤكداً أن حماية البيئة البحرية تمثل أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل.

من جهتها، شددت ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في لبنان، بليرتا أليكو، على أهمية البحر الأبيض المتوسط كعنصر حيوي للاقتصاد اللبناني، محذرة من تصاعد المخاطر البيئية كارتفاع مستوى البحر والتلوث.

واستعرضت أليكو تدخلات البرنامج في لبنان، من تحديث الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، إلى دعم المساهمات المناخية، مرورًا بتعزيز إدارة النفايات الصلبة والمناطق المحمية، مشددة على أن التغيير الحقيقي يتطلب شراكات مستدامة وحوكمة قوية.

وبدورها، استعرضت وزيرة البيئة، الدكتورة تمارا الزين، أبرز ما تحقق في خطة الوزارة خلال المئة يوم الأولى، مشيرة إلى انطلاق إصلاحات بنيوية وهيكلية تشمل تحديث الهيكلية الإدارية، التحول الرقمي، إعداد خارطة طريق للاقتصاد الأزرق والدائري، وتعزيز الحوكمة البيئية.

وفي كلمتها، أكدت أن البحر اللبناني ليس فقط مورداً طبيعياً بل يمثل مرآة للهوية والثقافة اللبنانية، وأعلنت توقيع لبنان مؤخراً على اتفاقية التنوع البيولوجي خارج نطاق الولاية الوطنية.

كما أكد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور نواف سلام، التزام الدولة بحماية البيئة البحرية، مشدداً على أن البحر كان وسيبقى امتداداً لهوية لبنان، ومورد رزقٍ أساسياً لآلاف اللبنانيين. وأشار إلى أن حماية البحر ليست مهمة وزارة أو جهة واحدة، بل هي مسؤولية وطنية جامعة، تتطلب تعاوناً سياسياً وعلمياً ومجتمعياً مستداماً.

إلى جانب الكلمات الرسمية والمداخلات الرئيسية، تضمّن المؤتمر مجموعة من الجلسات الحوارية والعروض التفاعلية التي أضاءت على جوانب مختلفة من واقع البحر اللبناني والتحديات البيئية المرتبطة به. فقد تم عرض فيديو توعوي تحت شعار "بياخدك عالبحر وبيردّك عشقان"، حمل بعدًا وجدانيًا وثقافيًا يربط اللبنانيين بالبحر، مجسّدًا العلاقة التاريخية والوجدانية التي تجمع المجتمع اللبناني بالمتوسط. كما نُظّمت جلسة حوارية بعنوان "في حضرة الأزرق"، ناقشت التنوع البيولوجي البحري والمحميات الطبيعية البحرية.

وفي سياق جلسة بعنوان "حرّاس البحر"، تم تسليط الضوء على مبادرات محلية يقودها مواطنون، جمعيات، ومؤسسات، تسعى لحماية البيئة البحرية من خلال حملات تنظيف، رقابة تطوعية، ومشاريع توعوية تستهدف المجتمعات الساحلية.

وقدّم كريم سلامة من مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة مداخلة حول مبادرة "الشباب والاقتصاد الأزرق"، شاكراً وزارة البيئة على الشراكة الوثيقة.

قدمت المداخلة عرضًا حول التعاون بين المؤسسة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ووزارة البيئة في إعداد أول تقييم وطني شامل للاقتصاد الأزرق في لبنان.، ضمن منهجية ترتكز على خمس أطر: التنمية الاقتصادية، العدالة الاجتماعية، الحوكمة، البيئة، والتمويل.

وشدّد سلامة على الدور المحوري للشباب في الانتقال نحو اقتصاد بحري مستدام من خلال البحث، الابتكار، وبناء القدرات، والعمل مع الشركاء لترجمة الأجندة الوطنية إلى خطوات تنفيذية تشمل تطوير حلول تطبيقية للقطاعات البحرية.

وتلت المداخلة جلسة بعنوان "لو فيك تحكي يا بحر" ركزت على تأثير تغيّر المناخ على البحر، وشهدت الإعلان الرسمي عن نتائج التقرير البيئي السنوي للشاطئ اللبناني لعام 2025، بما يتضمنه من بيانات حول التلوّث، التغيرات في حرارة المياه، والتنوع البيولوجي.

واختتم المؤتمر بنقاش تفاعلي مفتوح ضم المشاركين من مختلف القطاعات، ركّز على تحديد أولويات العمل المشترك، وأهمية إشراك كافة الأطراف، ولا سيّما الشباب، في الحفاظ على البحر كأصل بيئي وثقافي واقتصادي للبنان.