أخبار إنمائية
أخبار إنمائية

بيروت، لبنان (أخبار إنمائيّة) – في بلدٍ يشهد تراجعًا مستمرًا في البنى التحتية العامة وتفاوتًا صارخًا في الوصول إلى الرعاية الصحية، ينهض جيل جديد من طلاب الجامعات اللبنانية بمبادرات ناشئة تركّز على الصحة، سعيًا لسدّ الثغرات التي تعجز الدولة عن معالجتها.

يجمع هؤلاء الطلاب بين الابتكار الرقمي وتجربتهم المباشرة مع نظام صحي هشّ، لإطلاق أدوات تهدف إلى تحسين سبل الوصول إلى الرعاية، وتعزيز الشفافية، وإرساء نظام قائم على البيانات.

من بين هذه المبادرات، تبرز منصة FindMyDoc، التي طوّرها طلاب من الجامعة اللبنانية الأميركية. تمكّن المنصة المستخدمين من البحث عن أطباء حسب الاختصاص والموقع والانتماء إلى المستشفيات، مع الأخذ بعين الاعتبار تقييمات المرضى حول أوقات الانتظار، وجودة المعاملة، ومستوى الرعاية. وتقوم المنصة بإعداد متوسط تقييمي مرجّح لمساعدة المرضى على اتخاذ قرارات مستنيرة.

جاءت المنصة استجابة للتحديات المتكررة في نظام الرعاية الصحية المتشظي في لبنان، وقد شاركت في مسابقات ناشئة وحاضنات أعمال، مثل "سمارت ESA" في بيروت، حيث لاقت اهتمامًا من مستثمرين عدّة.

تلعب مراكز الابتكار الجامعية دورًا محوريًا في احتضان هذه المشاريع.

ففي الجامعة اللبنانية الأميركية، أطلق مركز فؤاد مخزومي للابتكار برنامج SPARK عام 2024 لدعم الشركات الطلابية الناشئة عبر التمويل والإرشاد. وقد استقطب البرنامج أكثر من 100 طلب، واختار 16 مشروعًا نهائيًا حصل كلّ منها على منحة تأسيسية بقيمة 10,000 دولار أميركي. وركّز العديد من هذه المشاريع على تقديم خدمات الرعاية الصحية، ومنصات المحتوى الطبي، والوصول إلى الأدوية.

أما في الجامعة الأميركية في بيروت، فقد قدم برنامج iPark الإرشاد وفرص الدخول إلى السوق لطلاب يعملون على حلول في مجالات التشخيص الرقمي والأجهزة الطبية الذكية.

وتتعدى هذه المبادرات حدود البلاد. ففي أواخر عام 2024، شارك عدد من طلاب LAU في "مدرسة الخريف للذكاء الاصطناعي في الصحة" في ألمانيا، بتنظيم مشترك مع جامعة بون ومركز هيلمهولتز في ميونيخ. وركّز البرنامج التدريبي على استخدام الذكاء الاصطناعي في التصوير الطبي، والتغذية السريرية، والتنبؤ بالأمراض في البيئات محدودة الموارد كلبنان.

تسعى معظم هذه المشاريع إلى سدّ فجوة الثقة بين المريض والطبيب، وتبسيط الوصول إلى الرعاية في المناطق المحرومة، وتحديث خدمات لا تزال تعتمد على السجلات الورقية والعلاقات الشخصية.

ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة. فالأزمة الاقتصادية، وسوء البنية التحتية الرقمية، والتعقيدات التنظيمية تمثل عقبات حقيقية أمام التوسّع. وتعتمد هذه المبادرات في الغالب على التمويل المانح، أو الجوائز من المسابقات، أو استثمارات من أفراد في الشتات للبقاء قيد الحياة بعد مرحلة النموذج الأولي.

ورغم هذه المعوّقات، يثبت الطلاب أن الابتكار قادر على تقديم حلول واقعية وملموسة، في وقتٍ يعاني فيه القطاع العام من تراجع حادّ في تلبية أبسط احتياجات الرعاية الصحية.