واشنطن، الولايات المتحدة (أخبار إنمائية) — أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تصعيد حاد في خلافه التجاري مع كندا، كاشفًا عن خطط لفرض تعرفة جمركية بنسبة 35% على العديد من السلع الكندية المستوردة ابتداءً من الأول من آب/أغسطس. هذه الخطوة، التي وردت في رسالة أرسلها الخميس إلى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، تمثّل زيادة كبيرة على الرسوم الجمركية السابقة التي بلغت 25% والتي فُرضت لأول مرة في آذار/مارس، وتعكس تفاقم الانقسام بين الحليفين التاريخيين.

ودافع ترامب عن قراره بالإشارة إلى قضايا تتعلق بتهريب الفنتانيل وسياسات كندا التجارية، على الرغم من أن بيانات الحكومة الأميركية تشير إلى أن كندا لا تُعد مصدرًا رئيسيًا لهذا المخدر.

وكتب ترامب في رسالته: «يجب أن أذكر أن تدفق الفنتانيل ليس التحدي الوحيد الذي نواجهه مع كندا، إذ توجد العديد من السياسات التعريفية وغير التعريفية والحواجز التجارية».

وقد أثار الإعلان قلقًا فوريًا في الأسواق، إذ تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية في وقت مبكر من يوم الجمعة، وسط حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن الحملة الجمركية المتسارعة التي يقودها ترامب. وعلى الرغم من تفاؤل بعض المحللين بإمكانية تراجع الرئيس عن تلك الخطوات، تبقى التداعيات الاقتصادية الأوسع غير واضحة.

وفي منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد كارني التزام بلاده بالسعي نحو أرضية مشتركة مع واشنطن، مدافعًا عن الجهود التي تبذلها حكومته لمكافحة تهريب الفنتانيل.

وقال كارني: «من خلال مفاوضاتنا التجارية الجارية مع الولايات المتحدة، دافعت الحكومة الكندية بثبات عن عمّالنا وأعمالنا التجارية.» وأضاف أن كندا أحرزت «تقدمًا حيويًا في وقف آفة الفنتانيل».

وتُعد كندا ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة بعد المكسيك، وقد فرضت بالفعل رسومًا جمركية انتقامية على عدد من المنتجات الأميركية، كما ردّت بقوة على ما اعتبرته ترهيبًا اقتصاديًا. وقد فاز كارني في الانتخابات التي جرت في نيسان/أبريل على أساس تعهده بأن «تحافظ كندا على تماسكها وموقفها القوي»، ومنذ ذلك الحين، اتجهت حكومته نحو تعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، كرد على السياسات التجارية غير المتوقعة لإدارة ترامب.

وكتب كارني على منصة "إكس" يوم الخميس: «في مواجهة التحديات التجارية العالمية، يتّجه العالم إلى شركاء اقتصاديين موثوقين مثل كندا»، وذلك إلى جانب صورة جمعته برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

من جانبه، أظهر ترامب القليل من المرونة. وخلال زيارة كارني إلى البيت الأبيض في أيار/مايو، قال ترامب علنًا إنه لا يوجد ما يمكن لرئيس الوزراء الكندي أن يقوله لإقناعه برفع الرسوم، مضيفًا: «هكذا هي الأمور».

وتأتي الرسوم الجديدة في إطار موجة من الإجراءات التجارية التي اتخذها ترامب مؤخرًا، حيث أرسل رسائل مشابهة إلى 23 دولة خلال الأسابيع الماضية. وقد اتّسمت بعض تلك الرسائل بنبرة شخصية غير معهودة، إذ فرض ترامب يوم الأربعاء تعرفة بنسبة 50% على الواردات من البرازيل، مشيرًا إلى محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، وهي خطوة اعتُبرت ذات أبعاد سياسية. يُذكر أن ترامب نفسه يواجه ملاحقات قضائية تتعلق بمحاولاته لقلب نتائج انتخابات عام 2020.

وكانت ضريبة الخدمات الرقمية التي تعتزم كندا فرضها — والتي كان من شأنها أن تؤثر على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى — قد شكلت إحدى العقبات، إلا أن كارني تراجع عنها، ما أدى إلى استئناف المحادثات.

ورغم أن اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA) المبرمة عام 2020 تحمي بعض السلع من الرسوم الجمركية، إلا أن مراجعة شاملة لها مقررة في عام 2026، مما يُبقي الغموض قائمًا حول مستقبل العلاقات التجارية.

وحتى الآن، لم تنجح إدارة ترامب في إنهاء العديد من الاتفاقات التجارية التي وعدت بإبرامها، على الرغم من التصريحات المتكررة بأن التفاوض سيكون سهلًا. ففي أعقاب الإعلان عن "تعرفات يوم التحرير" في الثاني من نيسان/أبريل، شهدت الأسواق المالية تراجعًا دفع ترامب إلى الإعلان عن فترة تفاوض مدتها 90 يومًا، تم خلالها تطبيق رسوم أساسية بنسبة 10% على معظم الواردات. إلا أن ترامب أعلن مؤخرًا أن هذه النسبة لم تعد سارية.

وقال في مقابلة هاتفية مع شبكة "NBC News": «سنقول ببساطة إن كل الدول المتبقية ستدفع، سواء كانت النسبة 20% أو 15%».

وفي حين أُعلن عن اتفاقات تجارية جديدة مع كل من المملكة المتحدة وفيتنام، واتفاق منفصل مع الصين لمواصلة المحادثات، إلا أن التفاصيل لا تزال غامضة. وقد فُرضت رسوم على الواردات الصينية وصلت إلى 145% قبل أن تُخفض إلى 55% بعد استئناف الحوار مع بكين.

من جهتها، اعتبرت الحكومة الصينية هذه الإجراءات بمثابة تنمّر اقتصادي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ: «المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من المبادئ المهمة في ميثاق الأمم المتحدة والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية. ويجب ألا تُستخدم التعرفات الجمركية كأداة للترهيب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

وبينما تستعد الأسواق العالمية للتداعيات المحتملة، تشير الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على كندا إلى أن ما يجري يتجاوز خلافًا تجاريًا عابرًا، ليشكل نقطة تحول في العلاقة السياسية والاقتصادية بين بلدين طالما اعتُبرا شريكين مترابطين في أمريكا الشمالية.