
بروكسل، بلجيكا (أخبار إنمائية) — يستعد الاتحاد الأوروبي لاحتمال اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة، عقب تهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات السلع الأوروبية اعتبارًا من الأول من أغسطس، في حال فشل المفاوضات التجارية الجارية.
وعقب تحذير مفاجئ وصل في نهاية الأسبوع الماضي من فرض هذه الرسوم، أعدّت المفوضية الأوروبية حزمة مضادة بقيمة 72 مليار يورو، تستهدف مجموعة واسعة من السلع الأميركية، تتراوح بين المعدات الصناعية والطائرات إلى المنتجات الزراعية والاستهلاكية.
تُعدّ كل من أيرلندا وألمانيا وهولندا من أكثر الاقتصادات الأوروبية المعرضة للتأثر، نظرًا لاعتمادها الكبير على واردات السلع الأميركية في قطاعات حيوية. وقد تؤدي الإجراءات الانتقامية المقترحة إلى اضطراب سلاسل التوريد الأساسية والتأثير سلبًا على النمو الاقتصادي في مختلف أنحاء الاتحاد.
مليارات مهددة بالخطر
تشمل الرسوم الجمركية الأوروبية المقترحة صادرات صناعية أميركية تقدّر بنحو 65.7 مليار يورو، تشمل الطائرات، والآلات، والأجهزة الطبية، والمواد الكيميائية. كما تشمل قائمة السلع المستهدفة منتجات زراعية مثل ويسكي "البوربون"، إلى جانب منتجات غير متوقعة مثل فرشاة الأسنان وألعاب الملاهي والمطاط الطبيعي.
تُعدّ واردات الطائرات من أكثر القطاعات عرضة للخطر، إذ تقدّر قيمتها بنحو 11 مليار يورو. وتحتل أيرلندا موقعًا محوريًا في هذا القطاع بصفتها مركزًا عالميًا لتأجير الطائرات، إذ تُدير ما يعادل 37% من الأسطول التجاري العالمي، وتشكل واردات الطائرات أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وتواجه ألمانيا وفرنسا وهولندا كذلك مستويات عالية من التعرض للمخاطر. على سبيل المثال، استوردت ألمانيا ما يقارب 7.5 مليار يورو من السيارات وقطع الغيار الأميركية في عام 2024، بينما تتجاوز وارداتها من الآلات المتأثرة بالرسوم المضادة 9.4 مليار يورو.
تضخم محدود، لكن مخاطر سلاسل التوريد قائمة
رغم النطاق الواسع للرسوم المحتملة، فإن التأثير الاقتصادي المباشر قد يكون محدودًا على المدى القصير. وقال سيلفان بروير، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال": "ستكون تأثيرات الرسوم الأوروبية على التضخم طفيفة – ربما بضع أعشار من النقطة المئوية – ومن غير المرجّح أن تؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي العام".
لكن محللين حذروا من أن الخطر الحقيقي يكمن في تعطّل سلاسل الإمداد، إذ يعتمد الاتحاد الأوروبي بدرجة كبيرة على الخدمات الأميركية، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والمدفوعات والاستشارات. كما أن الترابط الوثيق في سلاسل التوريد بين أوروبا الغربية ودول أوروبا الوسطى والشرقية قد يؤدي إلى تفاقم التداعيات.
مواد كيميائية وبلاستيكية وأجهزة طبية ضمن القائمة
تشمل قائمة المفوضية الأوروبية المستهدفة أيضًا مواد كيميائية أميركية تُقدّر واردات بلجيكا وحدها منها بـ13.7 مليار يورو، إضافة إلى واردات من البلاستيك تتجاوز 3 مليارات يورو. أما في مجال الأجهزة الطبية، فتتصدر هولندا قائمة الاستيراد بنحو 4.63 مليار يورو، تليها ألمانيا وبلجيكا.
وقد تتضرر أيضًا صناعة الطيران الأميركية بشدة، إذ حققت شركة بوينغ أكثر من 8.7 مليار دولار من عائداتها في أوروبا خلال عام 2024. وقد يؤدي أي تصعيد إلى رد أميركي مضاد يستهدف شركة إيرباص الأوروبية، مما يهدد بحرب رسوم متبادلة تزيد من توتر العلاقات التجارية عبر الأطلسي.
القطاع الزراعي الأوروبي على المحك
تبحث المفوضية فرض رسوم على منتجات زراعية أميركية تصل قيمتها إلى 6.4 مليارات يورو، أبرزها ويسكي البوربون. وتستورد هولندا ما يزيد عن 60 مليون يورو سنويًا من هذا المشروب، ولكن القلق الأكبر يكمن في الرد الأميركي المتوقع الذي قد يطال النبيذ الفرنسي والويسكي الأيرلندي. وقد وصفت جماعات الضغط الفرنسية هذا السيناريو بـ"الكارثي".
ورغم استمرار سعي المفوضية الأوروبية للتوصل إلى حل تفاوضي، فقد أكدت بروكسل أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات قوية إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ تهديداتها.