
الرياض، المملكة العربية السعودية (أخبار إنمائية) — تُحدث الذكاء الاصطناعي تغييرات كبيرة في العديد من القطاعات حول العالم، ولا يُستثنى التعليم من ذلك. فمن خلال التعلم المخصص ومساعدة المعلمين في المهام الإدارية، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الفصول الدراسية وتغيير أدوار المعلمين والطلاب.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من بعض المخاطر المحتملة، خاصةً بالنسبة للأطفال الصغار، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.
تزداد أدوات الذكاء الاصطناعي انتشاراً في المدارس. وأفاد تقرير صادر عام 2024 عن مجموعة "إنترنت ماترز" البريطانية للأمان الرقمي أن حوالي 44% من الأطفال يستخدمون الذكاء الاصطناعي حالياً، وأن 54% استخدموه في أداء واجباتهم المدرسية.
وحمل التقرير، الذي جاء تحت عنوان "هل الذكاء اصطناعي؟ آراء الأطفال وأولياء الأمور حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم"، أن 60% من المعلمين يستخدمون الذكاء الاصطناعي يومياً لتحسين أدائهم.
ويعكس هذا التوجه ارتفاعاً عالمياً. وتتوقع أبحاث سوقية من "ألايد ماركت ريسيرتش" نمو سوق أدوات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من 2.5 مليار دولار في 2022 إلى 6 مليارات دولار بنهاية 2025.
وفي السعودية، تدعم الحكومة الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم. وقد تأسست الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي عام 2019 لتعزيز الابتكار وجعل المملكة رائدة في الاقتصاد القائم على البيانات.
يرى خبراء التعليم أن الذكاء الاصطناعي يساهم في تخصيص التعلم عبر تقديم محتوى يناسب احتياجات كل طالب. ويشيرون إلى أن الذكاء الاصطناعي يكيف الدروس حسب سرعة وأسلوب التعلم لدى الطفل، مما يساعده على فهم المفاهيم الصعبة بشكل أفضل. كما توفر أنظمة التدريس المدعومة بالذكاء الاصطناعي تغذية راجعة فورية ودعماً خارج الفصل الدراسي.
ويضيف الخبراء أن أدوات الذكاء الاصطناعي تجعل التعلم أكثر متعة عبر بيئات تفاعلية وألعاب تعليمية.
وعلى صعيد الإدارة، يسهم الذكاء الاصطناعي في تبسيط المهام الورقية وتخطيط الدروس، ما يمنح المعلمين مزيداً من الوقت للتفاعل مع الطلاب. كما توفر أنظمة التصحيح الآلي وتحليل البيانات وقتاً ثميناً.
مع ذلك، يحذر بعض الخبراء من الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي، خصوصاً لدى الأطفال الصغار.
يشدد المتخصصون في الصحة والتعليم على أهمية التطور المعرفي في مرحلة الطفولة المبكرة، وينبهون إلى أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي والأجهزة الإلكترونية قد يؤثر سلباً على هذا التطور. ويشرحون أن النمو المعرفي بين الولادة والخمس سنوات يتسم بتطور سريع للدماغ واكتساب مهارات التفكير والتعلم وحل المشكلات واللغة والفهم.
يدعم الخبراء استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي، لكنهم ينصحون بعدم استخدامه للأطفال دون سن 6 سنوات. ويشيرون إلى أن الأجهزة العصبية والغدد الصماء والعمليات الفسيولوجية تتطور بسرعة في هذه المرحلة، وأن التعرض المفرط قد يسبب مشاكل سلوكية ونفسية.
كما يشيرون إلى مخاطر صحية محتملة بسبب التعرض الطويل لموجات الأجهزة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والتي قد تؤثر على الدماغ والأذنين والعينين، خاصة لدى الرضع والأطفال الصغار.
رغم هذه المخاوف، يقر الخبراء بأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساسياً من التعليم والبحث العلمي، مؤكدين أننا نعيش عصر العلم والتكنولوجيا. ويقولون إن التعليم الرقمي يجعل المعرفة متاحة ويساعد في توفير فرص متساوية للجميع.
كما يؤكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يدعم التعلم مدى الحياة واكتساب المهارات، مما يساعد الطلاب على التكيف مع سوق العمل المتغير. ويشددون على أهمية اختيار الوقت المناسب لاستخدام الذكاء الاصطناعي، موضحين أنه أكثر فائدة في المراحل الدراسية العليا مقارنة بالمرحلة الابتدائية، محذرين من أن التعليم الرقمي في المراحل المبكرة قد يحل محل التعلم الواقعي ويقلل من التفاعل البشري.
بشكل عام، يتفق الخبراء على ضرورة تحقيق توازن بين التكنولوجيا والأساليب التعليمية التقليدية، بحيث يكمل الذكاء الاصطناعي التعليم دون أن يحل محله، مما يضمن استفادة الطلاب من التفاعل مع المعلمين والتعلم العملي.