
لندن، المملكة المتحدة (أخبار إنمائية) — يعمل العلماء على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لفهم طريقة تواصل الدلافين وغيرها من الحيوانات، وهو إنجاز قد يُحدث تحولاً جذرياً في كيفية إدراك الإنسان وتفاعله مع الطبيعة.
تُطور شركة جوجل ديب مايند، إحدى أبرز مختبرات الذكاء الاصطناعي عالمياً، مشروعًا يُدعى "دولفين غيما"، وهو نموذج لغوي ضخم مُدرّب على أصوات الدلافين. تهدف هذه التقنية إلى تمكين العلماء من تفكيك وتحليل وربما التفاعل مع اتصالات الدلافين بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
وقال درو بيرفز، المسؤول عن قسم الطبيعة في ديب مايند، خلال حلقة حديثية على بودكاست الشركة: "أحب أن أتصور أننا سنتمكن يومًا ما من التحدث إلى الحيوانات".
ويُطوَّر مشروع "دولفين غيما" بالتعاون مع باحثين من معهد جورجيا للتكنولوجيا، وبناءً على الأعمال الميدانية لمشروع الدلافين البرية. وتعتمد التقنية على الاستماع إلى تسجيلات صوتية للدلافين، وفصل مكوناتها الصوتية المختلفة، وتحويلها إلى بيانات يفهمها نظام الذكاء الاصطناعي — بشكل مشابه للطريقة التي تتعامل بها النماذج اللغوية الكبرى مثل ChatGPT مع النصوص البشرية.
وأضاف بيرفز: "يقوم النموذج بفصل الأصوات، وتجزئتها إلى رموز، ليُدخِلها في عالم النماذج اللغوية الكبرى. وهذا مثال على استخدام الذكاء الاصطناعي لدراسة تواصل الحيوانات بمستوى لم نكن لنتمكن من الوصول إليه سابقاً".
وأشار بيرفز إلى أن هذا البحث في الوقت الحالي يساهم في سد الفجوات المعرفية القائمة، لكنه أشار إلى أن القيمة الحقيقية تكمن في كيفية تغييره لنظرة الإنسان للعالم الطبيعي. وقال: "في بعض الأحيان، قد تأتي اللحظات الحاسمة التي تغيّر فيها الناس علاقتهم مع الطبيعة بشكل مفاجئ".
لكن ديب مايند ليست الوحيدة التي تسعى لفك شيفرات لغات الحيوانات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
فقد أطلقت منظمة "مشروع أنواع الأرض" مبادرة مماثلة تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم تواصل الكائنات غير البشرية. وكشف الفريق مؤخراً عن نموذج يُدعى "NatureLM-audio"، والذي يوصف بأنه أول نموذج لغوي صوتي ضخم في العالم مخصص لأصوات الحيوانات.
وفقًا للمنظمة، يستطيع هذا النموذج مساعدة الباحثين في تحديد وتصنيف الأنواع من خلال الأصوات فقط، وربما اكتشاف أنواع جديدة لم تُوثَّق بعد.
وأبرز ما توصل إليه المشروع حتى الآن هو أن العديد من الحيوانات، بما في ذلك الأفيال والببغاوات الرمادية والقرود المارموسيت، تمتلك أسماء تميز بعضها البعض، وفق ما صرحت به كاتي زاكاريان، الرئيسة التنفيذية للمشروع، خلال قمة Axios AI+ لعام 2023.
وأوضحت زاكاريان أن هدف "مشروع أنواع الأرض" هو إعادة ربط البشر بالعالم الحي من حولهم، ليس لاستغلال الطبيعة، بل لدعم علاقة أكثر احتراماً واستدامة معها.
وقالت: "ليس هدفنا الاستخلاص أو السيطرة، بل نريد مساعدة جميع الأنواع على الازدهار، وليس تفاقم التحديات الحالية".
وقارن عزا راسكين، المؤسس المشارك ورئيس منظمة المشروع، هذا العمل بالنقاط التحولية الكبرى في تاريخ العلم التي غيّرت نظرة الإنسان لنفسه في الكون.
وأضاف راسكين في حديث لـ "ساينتفك أميركان": "هذه الأدوات ستغير الطريقة التي نرى بها أنفسنا وعلاقتنا بكل ما حولنا".