
بيروت، لبنان (أخبار إنمائية) — يواجه قطاع المياه في لبنان تحديات تتجاوز الجوانب التقنية، حيث يشير الخبراء إلى أن المشكلات الحقيقية تكمن في إدارة القطاع، ونقص التنسيق بين المؤسسات، والحاجة إلى تخطيط طويل الأمد ومستدام.
كان هذا المحور الأساسي لورشة عمل عقدت مؤخرًا في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) بالتعاون مع مؤسسة PAX، حيث اجتمع فيها خبراء من مختلف المجالات — من مهندسين، ومتخصصين في القانون، وأكاديميين، وقادة محليين — لمناقشة مشاريع مائية مجتمعية عملية وكيفية توسيع نطاقها لتشمل مناطق أوسع.
قال رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور شوقي عبدالله، الذي يشغل أيضًا عضوية مجلس استشاري في مؤسسة PAX: «المفتاح هو ضمان استخدام الأموال المتبرع بها بشكل سليم، بعيدًا عن المصالح الشخصية والفساد». وأكد أن قوة لبنان الحقيقية تكمن في أبنائه، داخل البلاد وخارجها، وأنه يجب توظيف مهاراتهم لبناء حلول شفافة ومستدامة على المدى الطويل.
وأكدت رغدة جابر، المؤسس المشارك لمؤسسة PAX، على أهمية التعاون وتبادل المعرفة، قائلة: «نرغب في إنشاء مركز بيانات يُنسق خبرات مختلف الجهات المعنية مع الجهود الجارية لربط المستفيدين من مشاريع التنمية المحلية بالمانحين المحتملين خارج لبنان».
وتطرقت عروض الورشة إلى بعض التحديات التقنية، مثل الحاجة إلى كهرباء موثوقة والبنية التحتية المتقادمة، إلا أن العديد من الخبراء أكدوا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الإدارة. حيث أوضح محمود وزني، رئيس قسم الهندسة المدنية في الجامعة اللبنانية الأميركية، أن الآبار الجوفية تعتبر مهمة، لكنها لا تعمل إلا بتوفر التراخيص اللازمة، ومصادر طاقة مستقرة، وضمانات بيئية. وأضاف أن الطاقة الشمسية خيار واعد، خصوصًا في المناطق النائية، ولكنه دعا إلى مزيد من التنسيق بين المؤسسات.
شرح الدكتور جان شاتيلا، أستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية، كيف أن ضعف الأطر القانونية أدى إلى صعوبة ربط خدمات المياه بمعالجة مياه الصرف الصحي، مشيرًا إلى أن العديد من محطات المعالجة لم تعد تعمل بشكل جيد بسبب الأزمة الاقتصادية ونقص الكفاءات. وقدم الدكتور هيام ملّاط من جامعة القديس يوسف عرضًا موجزًا لتطور قوانين المياه في لبنان، مؤكدًا على ضرورة توضيح أدوار المؤسسات لتعزيز التنفيذ الفعّال.
في الجانب المالي، أشار بسام جابر، المدير العام السابق للاستثمار في وزارة المياه والطاقة، إلى الحاجة إلى زيادة الاستثمارات، مشددًا على وجود مشكلات مثل أنظمة الفوترة القديمة وضعف ثقة الجمهور بالمشاريع الكبرى. وأضاف أن دعم المجتمعات المحلية أمر ضروري لنجاح هذه الجهود.
من بين المشاريع المحلية التي نوقشت في الورشة أنظمة مياه تعمل بالطاقة الشمسية في قرى مثل ساربا وبشميزين وكفرصير، تهدف إلى تقليل استهلاك الوقود وخفض التكاليف، فضلاً عن تقديم نماذج يمكن تكرارها في مناطق أخرى.
قال الدكتور جو تكلي، مساعد نائب رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية، «إلى جانب المناقشات التقنية والأكاديمية القيمة، نأمل أن تمهّد هذه الورشة، من خلال مؤسسة PAX، الطريق نحو تحسينات عملية على أرض الواقع تخدم مجتمعنا».
سلطت الورشة الضوء على أهمية العمل الجماعي وتبادل البيانات والقيادة المحلية في تحسين وضع المياه في لبنان، كما أظهرت الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الأكاديمية والجمعيات المدنية في بناء مستقبل أقوى وأكثر مرونة.