
جنيف، سويسرا (أخبار إنمائية) — مع إعادة الذكاء الاصطناعي تشكيل الاقتصادات وساحات العمل عالمياً، يبرز تحقيق المساواة بين الجنسين في مجالات الذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) ليس فقط كضرورة اجتماعية، بل كضرورة استراتيجية اقتصادية، وفقًا لتقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.
يحمل التقرير عنوان «المساواة بين الجنسين في عصر الذكاء» ونُشر بالتعاون مع منصة لينكدإن، حيث يوضح كيف أن توسيع قواعد المواهب لتشمل تمثيلًا أكبر للمرأة في أدوار مرتبطة بالذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الابتكار ورفع الإنتاجية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
وقال المنتدى الاقتصادي العالمي: «إغلاق فجوة الجنسين في عصر الذكاء أمر حيوي للشركات والدول للحفاظ على قدرتها التنافسية والابتكارية». وأضاف: «الاقتصادات التي تستفيد من أوسع وأشمل قواعد المواهب، بما في ذلك زيادة مشاركة النساء في مجالات الذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا، ستفتح آفاق نمو أوسع».
يسلط التقرير الضوء على تقدم مشجع، حيث أحرزت 74 من أصل 75 اقتصادًا محللاً تقدمًا في تقليص الفجوة بين الجنسين في مجال المواهب المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بين عامي 2018 و2025. ومع ذلك، لا تزال النساء يشكلن أقل من ثلث القوى العاملة العالمية في مجالات STEM والذكاء الاصطناعي، مع تراجع حاد عند نقاط دخول المسيرة المهنية والمناصب القيادية العليا.
كما تواجه النساء تحديات فريدة مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يعيد تشكيل العديد من الوظائف. ويجد التقرير أن النساء أكثر عرضة لشغل وظائف معرضة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي بدلاً من تلك المدعومة به، مما يثير القلق بشأن تحقيق انتقال عادل في سوق العمل. ويوصي التقرير بالاستثمار العاجل في رفع مهارات وإعادة تأهيل النساء لتمكينهن من الانتقال إلى وظائف أكثر نموًا مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
علاوة على ذلك، يحذر التقرير من أن أدوات التوظيف والتقييم القائمة على الذكاء الاصطناعي يجب تصميمها بعناية لتجنب إعادة إنتاج الانحيازات الجندرية القائمة. فالممارسات الشفافة والعادلة في التوظيف والترقية باستخدام الذكاء الاصطناعي ضرورية لتوسيع فرص النساء وتعزيز التنوع في القوى العاملة، وهو عامل رئيسي في الابتكار والقدرة على الصمود المؤسسي.
يفحص التقرير أيضاً التفاوتات الإقليمية في مجال ابتكارات الذكاء الاصطناعي، حيث تتركز براءات الاختراع والقيادة النسائية في الابتكار بشكل كبير في شرق آسيا، وخاصة الصين، وأمريكا الشمالية، وأوروبا. ولا تزال المخترعات والقيادات النسائية نادرة في العديد من الاقتصادات الأخرى، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى نظم ابتكار عالمية أكثر شمولية.
ويحث المنتدى الاقتصادي العالمي صانعي السياسات وقادة الصناعة على توحيد استراتيجياتهم لترسيخ المساواة بين الجنسين في تطوير ونشر المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي. وذكر: «يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي الشاملة أن تفتح قواعد مواهب أوسع، وتعزز الابتكار، وتضمن توزيع الفوائد الاقتصادية بشكل أوسع».
وفي الوقت نفسه، يؤكد تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2025 الصادر عن المنتدى على بطء وتيرة تحقيق المساواة الشاملة بين الجنسين، حيث تم إغلاق 68.8% من الفجوة على مستوى العالم، مع توقع أن تستغرق المساواة الكاملة 123 عامًا أخرى. ولا تزال فجوات التمكين السياسي والفرص الاقتصادية كبيرة، رغم التقارب القريب في مجالات التعليم والصحة.
تشمل الدول المتقدمة في المساواة بين الجنسين أيسلندا وفنلندا والنرويج والمملكة المتحدة ونيوزيلندا، حيث تجاوزت نسبة إغلاق الفجوة فيها 80%، ومع ذلك لم تحقق أي دولة المساواة الكاملة. ومن المشجع أن دولاً من جميع مستويات الدخل، مثل بنغلاديش والمكسيك، أحرزت تقدماً سريعاً في السنوات الأخيرة.
تضع هذه التقارير معاً المساواة بين الجنسين في قلب الاستراتيجية الاقتصادية لعصر الذكاء، داعيةً إلى اتخاذ إجراءات جريئة لإعادة تأهيل العاملين، والقضاء على الانحيازات الخوارزمية، ودعم القيادة النسائية في التكنولوجيا، وتعزيز التعاون في مجال الابتكار الشامل.
وإذ تحذر من أن الفشل في سد هذه الفجوة سيؤدي إلى تباطؤ اقتصادي وتفاقم عدم المساواة، تؤكد على أن النجاح فيه يعد بوابة لنمو أقوى وأكثر عدلاً، وزيادة القدرة على الصمود على الصعيد العالمي.