أخبار إنمائية
أخبار إنمائية

جنيف، سويسرا (أخبار إنمائية) — يحذر العلماء من أن التلوث الكيميائي يشكل تهديدًا جادًا لصحة الإنسان والبيئة الطبيعية على نطاق يعادل تأثيرات تغير المناخ، إلا أنه لا يحظى بنفس مستوى الاهتمام الجماهيري والإجراءات الحكومية.

كشفت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة "ديب ساينس فينتشرز" (DSV) أن الاقتصاد الصناعي العالمي قد أدخل أكثر من 100 مليون مادة كيميائية جديدة غير موجودة في الطبيعة، منها ما يتراوح بين 40 ألفًا و350 ألفًا مستخدمة حاليًا على نطاق تجاري واسع.

وعلى الرغم من الانتشار الواسع لهذه المواد الكيميائية، تشير الدراسة إلى ضعف الوعي بتأثيراتها الصحية والبيئية. وترتبط الأبحاث الحديثة بالتعرض لهذه المواد بمشكلات صحية خطيرة تشمل العقم والسرطان وأضرارًا متعددة للأجهزة الحيوية في الجسم.

وقال هاري ماكفيرسون، الباحث الرئيسي في مؤسسة "ديب ساينس فينتشرز"، لصحيفة الغارديان: "هذا الأمر كان مفاجئًا للكثيرين."

يحتوي جسم الإنسان على أكثر من 3600 مادة كيميائية صناعية، منها 80 مادة تعتبر عالية الخطورة. وتضم المواد البلاستيكية وحدها أكثر من 16 ألف مادة كيميائية مثل الأصباغ ومواد مقاومة للاشتعال والمواد المثبتة. وتقدر الخسائر الاقتصادية السنوية الناجمة عن ثلاث مواد بلاستيكية فقط — ثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs)، بيسفينول أ (BPA)، وفثالات دي(2-إيثيل هكسيل) (DEHP) — بنحو 1.5 تريليون دولار.

تنتشر مركبات "المواد الكيميائية الدائمة" (PFAs) في معظم البشر والبيئة، حيث أظهرت اختبارات أن مياه الأمطار في العديد من المناطق تحتوي على مستويات تعتبر غير آمنة للشرب.

ويتنفس أكثر من 90% من سكان العالم هواءً يتجاوز حدود التلوث التي حددتها منظمة الصحة العالمية. وتحذر الدراسة من أن تلوث الهواء والأنسجة البشرية بهذه المواد الكيميائية قد تكون له عواقب وخيمة.

وتبرز الدراسة صلات بين التعرض لهذه المواد واضطرابات في الجهاز التناسلي والمناعي والعصبي والقلب والجهاز التنفسي، بالإضافة إلى وظائف الكبد والكلى والتمثيل الغذائي.

ولفت ماكفيرسون إلى وجود ارتباطات قوية بين التعرض للمبيدات الزراعية ومشكلات في الإنجاب، بما في ذلك حالات الإجهاض وصعوبات الحمل.

وتعزز هذه النتائج أبحاثًا سابقة أجراها معهد بوتسدام لأبحاث تأثيرات المناخ، التي تشير إلى تجاوز حدود الأمان البيئية للكوكب بسبب التلوث، لا سيما البلاستيك والجسيمات الدقيقة منه.

وقبل المفاوضات الدولية المرتقبة بشأن "معاهدة البلاستيك" في جنيف، صدر تقرير آخر يحذر من أزمة بلاستيكية عالمية متصاعدة تسبب أمراضًا ووفيات عبر جميع الفئات العمرية.

كما تنتقد الدراسة طرق تقييم سمية المواد الكيميائية الحالية، معتبرةً إياها غير كافية. وتسلط الضوء على التأثيرات غير المرصودة للمواد الكيميائية المعيقة للهرمونات، التي تتداخل مع عملها مسببةً مشكلات تتراوح بين العقم والسرطان. وتناقش الفرضية القائلة بأن تقليل الجرعة يقلل من التأثيرات.

ودعا ماكفيرسون إلى زيادة الاعتراف بمخاطر التلوث الكيميائي إلى جانب جهود مكافحة تغير المناخ، قائلاً: "لا نرغب في تقليل تمويل قضايا المناخ، لكن هذه المسألة تحتاج إلى المزيد من الانتباه."

وحذر الباحثون من أن السياسات والضوابط الحالية لا تكفي لحماية صحة الإنسان والبيئة من المخاطر الكيميائية، داعين إلى اتخاذ إجراءات أقوى واعتماد منهجيات علمية أفضل.