أخبار إنمائية
أخبار إنمائية

لندن، المملكة المتحدة (أخبار إنمائية) — تشهد الأسواق العالمية تقلبات واسعة نتيجة تداخل القوى التكنولوجية والسياسية والاقتصادية، ما يخلق بيئة استثمارية غير مستقرة تتسم بتغير موازين القوى في الأسواق المالية وتصاعد المنافسة على الفرص الآمنة.

ووفقًا لتقرير بلومبيرغ، فإن طفرة الذكاء الاصطناعي—التي يجري ضخ مليارات الدولارات فيها من قبل المستثمرين المتفائلين بإمكاناتها على توليد ثروات جديدة—تترافق مع ظهور “خاسرين”، حيث تواجه قطاعات كاملة خطر الإزاحة السريعة.

وتشير بيانات بلومبيرغ إلى تحولات غير مسبوقة في أسواق السندات الأوروبية، إذ تقلصت الفجوات التاريخية بين عوائد الدول الطرفية والدول المركزية بشكل حاد، في ظل ضغوط مالية ناتجة عن السياسات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، خصوصًا تداعيات سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على اقتصادات المنطقة.

الذكاء الاصطناعي يسرّع الإزاحة في القطاعات التكنولوجية

تندرج شركات تطوير المواقع الإلكترونية مثل (ويكس)، وخدمات الصور الرقمية (شترستوك)، وصناعة البرمجيات (أدوبي) ضمن قائمة تضم 26 شركة صنفها بنك أوف أميركا كالأكثر عرضة لمخاطر الذكاء الاصطناعي، حيث تراجع أداؤها مقارنة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 22 نقطة مئوية منذ منتصف مايو.

وقال دانيال نيومان، الرئيس التنفيذي لمجموعة فوتوروم، لبلومبيرغ: “الاضطراب واقع. كنا نتوقع حدوثه خلال خمس سنوات، لكنه يحدث الآن خلال عامين فقط. الشركات الخدمية كثيفة العمالة ستكون الأكثر عرضة للخطر، حتى لو كانت لديها نماذج أعمال قوية من الحقبة التقنية السابقة.”

وبالرغم من أن التهديدات لا تزال في بداياتها، فإن الإنفاق الضخم لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وميتا، والذي يصل لمئات المليارات، جعل المستثمرين أكثر حذرًا، مع تكرار التاريخ الدروس السابقة لانهيار قطاعات كاملة بفعل التكنولوجيا الجديدة، من إحلال الهاتف محل التلغراف إلى استحواذ نتفليكس على السوق بعد انهيار "بلوكباستر".

تقلص الفجوات التاريخية في السندات

أظهرت بيانات بلومبيرغ أن الفارق بين عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات ونظيرتها الفرنسية انخفض إلى 13 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى منذ عقدين، بعد أن تجاوز 400 نقطة أساس خلال أزمة ديون أوروبا في 2011-2012.

كما تمكنت دول طرفية مثل إسبانيا واليونان والبرتغال من تعزيز اقتصاداتها وضبط الإنفاق، ما جعلها أكثر جاذبية للمستثمرين. إسبانيا على وجه الخصوص باتت مفضلة لدى الصناديق بفضل نموها الاقتصادي الذي يفوق معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي.

وتبقى ألمانيا ملاذًا آمنًا بفضل تصنيفها الائتماني AAA، رغم تراجعها عن سياسة التقشف استجابة لمطالب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي. بينما فقدت فرنسا مكانتها المالية مقارنة بألمانيا بعد ارتفاع عجز ميزانيتها إلى أعلى مستوى في منطقة اليورو، ما دفع بعض الصناديق لتجنب سنداتها.

عوائد منخفضة ومخاطر متصاعدة

تشير بيانات الأسواق الائتمانية العالمية إلى أن الفروق بين السندات الفردية والمتوسط المرجعي للمؤشرات وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009، مما يجعل من الصعب على المستثمرين تحقيق عوائد مجزية دون تحمل مخاطر أكبر.

وقالت أبريل لاروس، مديرة الاستثمار في "إنسايت إنفستمنت"، لبلومبيرغ: “ليس من السهل الحصول على عوائد أعلى دون المخاطرة. وعندما تضيق الفجوات، تقل الفروقات في الأداء بين السندات.”

سياق اقتصادي ضاغط

تأتي هذه التطورات في وقت يترقب فيه المستثمرون صدور تقرير التضخم الأميركي لشهر يوليو، والذي قد يؤثر على توقعات السوق بشأن سياسة الفائدة القادمة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتشير تقديرات الاقتصاديين إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي قد يسجل أكبر ارتفاع شهري منذ يناير، مما يثير المخاوف من احتمالية حدوث ركود تضخمي.