
بروكسل، بلجيكا (أخبار إنمائية) — شهدت صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة انخفاضًا حادًا في حزيران، ما يعكس الضغوط المتصاعدة على التجارة القارية في ظل استمرار فرض الرسوم الجمركية الأمريكية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. ويحذر المحللون من أن التراجع قد يشير إلى توترات أوسع في التجارة العالمية.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، التي تشمل جميع الدول الأعضاء الـ27، تراجعت بنسبة 10% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى نحو 40 مليار يورو (46.8 مليار دولار)، وهو أدنى مستوى منذ نهاية 2023.
وانخفض الفائض التجاري للاتحاد مع الولايات المتحدة إلى 1.8 مليار يورو (2.1 مليار دولار) بعد أن كان 12.7 مليار يورو (14.9 مليار دولار) في أيار.
وجاء هذا التراجع بعد موجة صعود مؤقتة في مارس، حين عمد المشترون الأمريكيون إلى تخزين البضائع قبل دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ، لتصل الصادرات إلى نحو 72 مليار يورو (84.2 مليار دولار). غير أن الاتجاه انقلب منذ نيسان، مع تسجيل انخفاض حاد في الشحنات.
اتفاق حول رسوم أساسية بنسبة 15%
توصلت بروكسل وواشنطن نهاية تموز إلى اتفاق يقضي بفرض رسوم أساسية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية، فيما لا تزال بعض تفاصيل الصفقة قيد التفاوض. وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أولوف غيل إن بيانًا مشتركًا "سيكشف تفاصيل الاتفاق قريبًا".
ورغم الضغوط المتصاعدة، لم يتجه الاتحاد الأوروبي بعد لفرض رسوم مضادة على السلع الأمريكية، مع تعليق حزمة كانت معدة للرد على الإجراءات الأمريكية لمدة ستة أشهر.
ألمانيا والقطاع الكيميائي الأكثر تضررًا
كان الانخفاض الأكبر في الصادرات الأوروبية مرتبطًا بقطاع الكيميائيات الحيوي للاقتصادات الأوروبية، فيما تعرضت ألمانيا، المحرك الصناعي للقارة، لضربة قوية نتيجة تراجع شحناتها إلى الولايات المتحدة، مما أثر مباشرة على إنتاج المصانع وبطء النمو الاقتصادي العام.
وأضافت قوة اليورو صعوبة المنافسة للسلع الأوروبية، ما فاقم تراجع الطلب الخارجي.
تراجع التجارة العالمية يتجاوز الولايات المتحدة
ولا يقتصر التراجع على السوق الأمريكية، فقد انخفضت الصادرات الأوروبية إلى الصين على أساس سنوي، في مؤشر على "البرودة المتزايدة في التجارة العالمية"، بحسب وول ستريت جورنال.
وتوضح صور حاويات شركة الشحن الدنماركية ميرسك المكدسة في محطة تحويل فرانكفورت في نيسان 2025 الضغوط اللوجستية والاقتصادية المستمرة. وسجل مؤشر ثقة المستثمرين في ألمانيا خلال الشهر نفسه أدنى مستوى منذ غزو روسيا لأوكرانيا، بانخفاض 65.6 نقطة إلى -14، وفقًا لمعهد ZEW.
وحذر الاقتصاديون من أن بيئة التجارة الخارجية لا تزال "أدنى من المستويات الطبيعية"، بحسب رالف سولفين من بنك كومرتس. فيما قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا إن "الأثر الكامل للرسوم الأخيرة ما يزال يتكشف".
وأظهر اقتصاد منطقة اليورو قدرة محدودة على الصمود، بنمو بلغ 0.1% في الربع الثاني، لكن كارستن بريزسكي من بنك ING أشار إلى أنه "من الصعب تصور عودة الصادرات لتكون محركًا قويًا للنمو الأوروبي".
وتخلص صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن أوروبا ما زالت تواجه ضغوطًا مزدوجة من السياسات الحمائية الأمريكية، وقوة اليورو، وتراجع الطلب العالمي، فيما لم يتضح بعد مدى الصدمة الكاملة للرسوم الأمريكية.



