
بكين، الصين (أخبار إنمائية) — أعلن علماء صينيون أنهم طوروا أول روبوت بشري مزود برحم اصطناعي قادر على محاكاة الحمل الكامل، وهو تطور أثار مزيجاً من الإثارة والجدل بين الخبراء والجمهور على حد سواء.
يقود المشروع الدكتور تشانغ تشي فنغ، مؤسس شركة كايوّا تكنولوجي في قوانغتشو وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة. وأشار تشانغ إلى أن التكنولوجيا وصلت إلى مرحلة "ناضجة"، وأن النموذج الأولي قد يُطرح للبيع في العام المقبل بسعر يقارب 13 ألف دولار أمريكي (100,000 يوان صيني).
كيفية عمل التكنولوجيا
صُمم الروبوت لمحاكاة عملية الحمل بالكامل، بدءاً من الإخصاب وصولاً إلى الولادة. من الناحية النظرية، سيتم زرع البويضة المخصبة داخل رحم اصطناعي موجود في بطن الروبوت. يتطور الجنين داخل بيئة تحتوي على سائل أمينوسي صناعي طوال 40 أسبوعاً، مع تزويده بالعناصر الغذائية عبر أنبوب يحاكي طريقة تغذية الأم لطفلها.
يتولى الذكاء الاصطناعي مراقبة العملية، ومتابعة نمو الجنين وصحته حتى الولادة.
وقال تشانغ:
"الآن يحتاج الأمر إلى زرع البويضة داخل بطن الروبوت حتى يتفاعل الإنسان مع الروبوت لتحقيق الحمل، مما يسمح للجنين بالنمو داخله".
إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن تفاصيل أساسية لا تزال غامضة، ولا سيما طريقة الإخصاب وزرع البويضة، وهو ما يثير تساؤلات حول إمكانية تنفيذ المشروع عملياً.
سابقة في الولايات المتحدة
ليست فكرة الرحم الاصطناعي جديدة بالكامل. ففي عام 2017، قدم باحثون في مدينة فيلادلفيا جهاز Biobag، وهو كيس من البولي إيثيلين المعقم يعمل كحاضنة للأطفال الخدج للغاية. ويشبه الجهاز إلى حد كبير جيب الكنغر، ونجح في السماح لأعضاء الحمل المبكر في الحمل المبكر، بما في ذلك الحمل لدى الحمل.
على الرغم من أن Biobag كان يقتصر على دعم الحياة القائمة بالفعل، إلا أن مشروع الروبوت البشري يسعى للسيطرة على كامل عملية الحمل من الإخصاب إلى الولادة.
العقم والطلب في الصين
يأتي الابتكار في ظل ارتفاع معدلات العقم في الصين، حيث تشير تقارير إعلامية صينية إلى أن نسب العقم ارتفعت من 11.9% في عام 2007 إلى ما يقارب 20% في عام 2020. وبالنسبة لملايين الأزواج الذين يواجهون صعوبة في الإنجاب، قد يمثل استخدام التكنولوجيا بديلاً عن الحمل البيولوجي أملاً كبيراً.
وأفاد تشانغ بأنه أجرى بالفعل محادثات مع سلطات مقاطعة قوانغدونغ لوضع مسودات سياسات وتشريعات قد تنظم استخدام التكنولوجيا إذا تم المضي بها.
المخاوف الأخلاقية
رغم الفوائد الطبية المحتملة، أثار المشروع قلق العديد من علماء الأخلاق والأطباء والجمهور. ويشير النقاد إلى أن العمليات البيولوجية المعقدة — بما في ذلك إفراز هرمونات الأم، وانتقال الأجسام المضادة، والبيئة النفسية والاجتماعية التي تتشكل أثناء الحمل — لا يمكن تقليدها بواسطة العلم وحده.
وحذر بعضهم من تداعيات أوسع على المجتمع. فقد أشارت الكاتبة النسوية أندريا دوركين إلى أن تقنية الأرحام الاصطناعية قد تؤدي إلى "نهاية المرأة". وفي عام 2022، حذر باحثون من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا من أن هذه التكنولوجيا قد "تجعل الحمل مرضياً"، أي تحويل عملية طبيعية إلى إجراء طبي محايد.
ويطرح آخرون تساؤلات حول رفاهية الأطفال. هل سيختبر الأطفال الذين ينشأون داخل الروبوت نفس التطور العاطفي كما يحدث مع الأطفال الذين يولدون لدى أمهاتهم؟ وما هي حقوقهم؟ ومن أين ستأتي البويضات اللازمة لهذه الحمل؟
بين الأمل والمخاطر
يجادل المؤيدون بأن الأرحام الاصطناعية قد تقلل المخاطر الجسدية للحمل، وتوفر بديلاً للأزواج غير القادرين على الإنجاب، وتفتح آفاقاً جديدة في الطب الإنجابي. ولكن يرى المنتقدون أن التكنولوجيا تشكل تهديداً للمفاهيم التقليدية للأمومة والأسرة.
وتعكس وسائل التواصل الاجتماعي في الصين وخارجها هذا الانقسام، حيث يرى البعض أن التكنولوجيا تمثل اختراقاً علمياً يمكن أن يمنح السعادة للأزواج العاقرين، بينما يعبر آخرون عن القلق ويصفون الفكرة بأنها "مخيفة"، محذرين من مستقبل يشهد فيه البشر استبدال الحمل الطبيعي بالآلات.
في الوقت الحالي، لا يزال الروبوت البشري في المرحلة التجريبية، لكن تطويره يسلط الضوء على نقاش متزايد عند تقاطع العلم والأخلاق.
سواء تم اعتباره تقدماً طبياً أو تهديداً اجتماعياً، فإن المشروع يطرح سؤالاً جوهرياً: إلى أي مدى يمكن السماح للتكنولوجيا بإعادة تشكيل الحياة البشرية؟


