
الشرق الأوسط (أخبار إنمائية) — يواجه الشرق الأوسط ضغوطاً اقتصادية وسياسية متصاعدة نتيجة تداخل العوامل الإقليمية والدولية، إذ يجعل موقعه الاستراتيجي ودوره في الطاقة والتجارة المنطقة شديدة الحساسية أمام أي تقلبات.
تظل الطاقة محور اقتصادات المنطقة. تواجه الدول المصدرة للنفط والغاز تراجعاً في الإيرادات، حيث أشار صندوق النقد الدولي إلى انخفاض ميزانياتها بنسبة 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزيد المعروض النفطي العالمي بمقدار 2.5 مليون برميل يومياً في 2025، مما يضغط على الأسعار في ظل تباطؤ الطلب العالمي وازدياد المنافسة.
أما الدول المستوردة، فتمتلك فرصة مؤقتة للاستفادة من انخفاض الأسعار، لكنها تظل عرضة للتقلبات بسبب اعتمادها الكبير على الاستيراد وارتفاع مستويات الدين.
تشهد المنطقة ارتفاعاً في العجز المالي والدين العام. يبلغ متوسط العجز نحو 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بواقع 2.4% في الدول المصدرة للطاقة و7.6% في الدول المستوردة. ويشكل الدين الخارجي نحو 53% من الناتج المحلي، ما يقلص المساحة المالية المتاحة ويزيد أعباء خدمة الدين.
تؤثر اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية، الناتجة عن النزاعات والأحداث المناخية، على الغذاء والدواء والمواد الصناعية بشكل واسع. وأشارت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 7.6% حتى يوليو 2025، حيث يمكن لأي خلل طفيف في الإمدادات أن يرفع الأسعار النهائية بنسبة تصل إلى 8.5%، ما يكشف هشاشة الأمن الغذائي والصحي في المنطقة.
تستمر التوترات الجيوسياسية في التأثير على النمو الاقتصادي. فقدت المنطقة أكثر من 800 مليار دولار خلال العقد الماضي نتيجة النزاعات، مع تأثر قطاعات السياحة والاستثمار بشكل خاص. وساهم قطاع السياحة بنسبة 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023، بإيرادات بلغت 459 مليار دولار وتوفير 3 ملايين وظيفة، إلا أن المنافسة وعدم الاستقرار يحدان من نمو القطاع.
يعزز الارتباط المالي والتجاري الوثيق مع الولايات المتحدة—بما في ذلك استثمار نحو 1.5 تريليون دولار من الاحتياطيات في الأسواق الأميركية—من تعرض المنطقة لتقلبات الاقتصاد الأميركي. ويظل ضعف التكامل الاقتصادي الإقليمي أحد معوقات المرونة، إذ لا تتجاوز التجارة البينية العربية 18% مقارنة بـ66% في الاتحاد الأوروبي.
وتشمل التحديات الأخرى شح المياه، وتغير المناخ، وضعف الاستثمار في البحث العلمي، والاعتماد المحدود على قطاعات اقتصادية متنوعة، وارتفاع بطالة الشباب. ويبلغ نصيب الفرد من المياه أقل من 500 متر مكعب سنوياً، بينما يبلغ متوسط الإنفاق على البحث والتطوير 0.7% من الناتج المحلي، وتتجاوز بطالة الشباب 26%، لتصل إلى أكثر من 35% بين النساء.
مع تصاعد المنافسة الجيواقتصادية من الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تواجه اقتصادات الشرق الأوسط اختباراً حاسماً، ما يستدعي اعتماد سياسات مرنة، وتعزيز التعاون الإقليمي، وتنويع الاقتصاد لضمان قدرة المنطقة على مواجهة التقلبات العالمية وتحقيق نمو مستدام.

