
بايث، إنجلترا (أخبار إنمائية) — تواجه الشركات مخاطر مالية متزايدة نتيجة تغير المناخ، لكن الاستثمار في حلول التكيف المناخي قد يفتح فرصة تصل إلى 9 تريليونات دولار بحلول عام 2050.
لطالما ركز تمويل المناخ لعقود على التخفيف من الانبعاثات، وتطوير الطاقة النظيفة، وتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري، فيما ظلت جهود التكيف المناخي تعاني من نقص التمويل وسوء الفهم. ويشير الخبراء إلى أن الإجراءات الحكومية والشركاتية ما زالت محدودة، وأن الأنظمة المالية غالبًا ما تعطي الأولوية للأرباح قصيرة المدى على حساب المرونة طويلة الأجل والقيمة المستدامة اجتماعيًا وبيئيًا.
وشهد العقد الأخير تضاعف الظواهر الجوية المتطرفة، ما أدى إلى مطالبات تأمين بمليارات الدولارات نتيجة الكوارث الطبيعية المتكررة.
وتشير دراسة أجرتها شركة فيريسك مابلكروفت إلى أن أكثر من 1.14 تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات معرضة للخطر بسبب تغير المناخ والعوامل الجوية المتطرفة بحلول عام 2050، أي ثلاثة أضعاف حجم التعرض الحالي. وتعد الشركات المدرجة في البورصات العالمية الأكثر عرضة للخطر.
ويشير مصطلح التكيف المناخي إلى مجموعة الإجراءات التي تهدف إلى تقليل الآثار السلبية لتغير المناخ على المجتمعات والاقتصادات والنظم البيئية. ورغم أن الاستثمارات التاريخية ركزت على خفض الكربون، إلا أن المخاطر الملموسة على الأرض تفتح فرصًا جديدة للشركات التي تقدم حلولًا تكيفية.
مع ذلك، تبقى حلول التكيف المناخي قليلة البحث والتقدير. ويرى المستثمرون أنها تعتمد بشكل كبير على التمويل الحكومي، أو أنها محفوفة بعدم اليقين بسبب صعوبة التنبؤ بالمسارات المستقبلية للمناخ.
وأجرت دراسة مشتركة حصرًا لأهم حلول التكيف المناخي ذات الصلة بالقطاع الخاص، وقيّمت حجم السوق والإمكانات الاستثمارية. وأظهرت النتائج أن القطاع يمكن أن ينمو من تريليوني دولار حاليًا إلى 9 تريليونات دولار بحلول عام 2050، شاملاً الأسواق الناشئة والناضجة على حد سواء.
وركزت الدراسة على خمسة مخاطر رئيسية: العواصف، الفيضانات، حرائق الغابات، الإجهاد الحراري، وإجهاد المياه. ومن بين أكثر من 1,400 حل محدد من قبل مبادرة السندات المناخية، ضُبطت القائمة لتشمل 21 منتجًا وخدمة قابلة للاستثمار.
كما استخدم الباحثون نموذج "مرونة الطلب المناخي" لقياس الطلب الإضافي الناتج عن الاحتباس الحراري. وأظهرت النتائج أن الإيرادات السنوية العالمية لهذه الحلول قد ترتفع من تريليون دولار اليوم إلى 4 تريليونات دولار بحلول 2050، مع إضافة نحو 2 تريليون دولار إضافية بفضل تأثير مرونة الطلب المناخي.
واستندت التقديرات إلى السيناريو الأساسي لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الذي يتوقع أن تتجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية. وأشارت الدراسة إلى أن التباين عبر السيناريوهات المناخية المختلفة لا يتجاوز ±4%، ما يعزز ثقة المستثمرين.
ومن المتوقع أن تشهد كل من الحلول الجديدة والحلول القائمة نموًا مستمرًا. ومن أبرزها الذكاء المناخي، الذي يستخدم بيانات الطقس لاتخاذ قرارات عملية في قطاعات مثل الطيران والزراعة، ومن المتوقع أن تنمو إيراداته 16 مرة لتتجاوز 40 مليار دولار بحلول 2050.
وتشمل الحلول الأخرى مكونات المباني المقاومة للرياح، مثل الأسقف المعززة، والأبواب عالية المتانة، والدعامات الهيكلية. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن العواصف كانت السبب الأكبر للخسائر الاقتصادية عالميًا بين عامي 1970 و2019.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على هذه المنتجات من 40 مليار دولار حاليًا إلى أكثر من 650 مليار دولار بحلول 2050، مدفوعًا بتشديد قوانين البناء، وارتفاع وعي المستهلكين، وتصاعد مخاطر الطقس المتطرف.
ويؤكد الخبراء أن مجال التكيف المناخي سريع التطور، وأن دمج العلوم المناخية مع الأسس الاقتصادية يمنح المستثمرين رؤية أوضح لتحديد الحلول الأكثر نجاحًا في المستقبل.


