
واشنطن، الولايات المتحدة (أخبار إنمائية) — استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نخبة من قادة أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية في عشاء فاخر بالبيت الأبيض مساء الخميس، غير أنّ الحضور غاب عنه اسم بارز: إيلون ماسك. الرجل الذي كان يومًا جزءًا لا يتجزأ من دائرة ترامب، والرئيس التنفيذي لشركتي "تسلا" و"إكس"، لم يحضر، في إشارة واضحة إلى التحوّل الحاد في العلاقة بين الرجلين.
أقيم العشاء في قاعة الطعام الرسمية بمشاركة الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرغ، ومؤسس "مايكروسوفت" بيل غيتس، والرئيس التنفيذي لـ "آبل" تيم كوك، والرئيس التنفيذي لـ "أوبن إيه آي" سام ألتمان. وأشاد ترامب بضيوفه من كبار التنفيذيين، فيما بادل الضيوف المديح مؤكدين على سياساته المؤيدة للأعمال والابتكار.
ووفقًا لتقرير صحفي، ضمّت المائدة أكثر من ثلاثين مقعدًا، وشُجّع الحاضرون على تناول الكلمة لعرض أعمالهم ومساهماتهم في دعم الابتكار الأميركي.
وكان ماسك، الذي لعب دورًا محوريًا في ما عُرف بـ "وزارة كفاءة الحكومة" وساهم في تفكيك بعض الوكالات الفيدرالية بعد انتخابات 2024، قد صرّح عبر منصته "إكس" أنه تلقى الدعوة لكنه لم يتمكن من الحضور، موضحًا أنه سيرسل ممثلًا عنه.
غياب الملياردير يعكس تصدعًا في علاقته بترامب، إذ دخل الطرفان في مواجهة علنية مطلع العام إثر خلافات حول مشروع "قانون واحد جميل"، وهو ما أدى إلى تراجع نفوذ ماسك السياسي.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه مكانة ماسك، عزز قادة تقنيون آخرون علاقاتهم مع الإدارة. فقد تعهّد كوك باستثمار 600 مليار دولار في التصنيع داخل الولايات المتحدة، وقدم لترامب هدية رمزية مطلية بالذهب الخالص خلال العشاء. أما زوكربيرغ، فأشاد بالبيئة الاستثمارية التي أوجدها ترامب لتطوير مراكز البيانات ودفع الابتكار.
من جانبه، ركّز بيل غيتس على دور الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية والتنمية العالمية، مقدمًا الشكر للرئيس رغم الخلافات السابقة حول المساعدات الخارجية وبرامج الصحة العالمية.
كما حضر العشاء عدد من أبرز الأسماء الأخرى في عالم التكنولوجيا، منهم:
سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ "أوبن إيه آي"، الذي يتعاون مع البيت الأبيض في مشروع "ستارغيت" بقيمة 500 مليار دولار لتوسيع بنية الذكاء الاصطناعي، وأعلن أيضًا عن عقد بقيمة 200 مليون دولار مع وزارة الدفاع لتطوير أدوات عسكرية وأمنية.
سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لـ "غوغل"، الذي أعلن عن استثمار بقيمة مليار دولار في التعليم والتدريب المهني داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك 150 مليون دولار منحًا مخصصة للذكاء الاصطناعي.
ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "سكيل أي آي"، والذي يشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في "ميتا".
ليزا سو، الرئيسة التنفيذية لشركة "إيه إم دي"، التي تشارك في مفاوضات مع إدارة ترامب بشأن فرض رسوم على صادرات وحدات المعالجة الرسومية إلى الصين.
شامات باليهابيتيا، مؤسس "سوشال كابيتال" وأحد مقدمي بودكاست "All-In".
ديفيد ساكس، القيصر المكلف بملفي الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية في البيت الأبيض.
كاميرون ويلسون، رئيس منظمة Code.org المعنية بتوسيع نطاق تعليم علوم الكمبيوتر في المدارس الأميركية.
ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لـ "مايكروسوفت"، الذي شكر ترامب على السياسات التي جعلت التكنولوجيا الأميركية أكثر موثوقية على الساحة العالمية.
وأظهر العشاء بوضوح تغيّر موازين القوة في قطاع التكنولوجيا. فبينما تراجع ماسك عن المشاركة في الأحداث السياسية الكبرى، يسعى قادة آخرون إلى ملء الفراغ عبر صياغة السياسات، والمشاركة في مشاريع حكومية، وتعزيز صلاتهم بصنّاع القرار. حتى أنّ فريق ترامب بحث في إمكانية تقليص عقود ماسك الحكومية، لكنه تراجع خشية تعطيل عمليات حيوية.
ورغم خلافه مع ترامب، لا يزال ماسك حاضرًا على الساحة عبر منصته "إكس"، حيث يواصل مهاجمة بايدن والترويج لخطاب ذي نزعة يمينية، ما يؤكد أن نفوذه لم يتلاشَ، وإن تقلّصت مكانته في دائرة الرئيس المقربة.
في المحصلة، عكس العشاء تحوّلًا في مشهد التكنولوجيا بواشنطن: ماسك، الذي كان يومًا في قلب الأجندة التقنية للإدارة، تراجع إلى الهامش، فيما يرسّخ قادة آخرون مواقعهم. لقد جمع الحدث بين السياسة والاقتصاد والابتكار، وكشف ملامح إعادة تشكيل نفوذ المليارديرات في العاصمة الأميركية.


