
دبي، الإمارات العربية المتحدة (أخبار إنمائية) — تُشكل التقنيات الصحية الرقمية طوق نجاة متزايد الأهمية للاجئين حول العالم، إذ تتيح لهم الوصول عن بُعد إلى التشخيص والدعم النفسي واستمرارية الرعاية، وفق ما أكد خبراء خلال المعرض العالمي للصحة في دبي. وقد خُصص اليوم الختامي للمؤتمر لبحث كيفية تدخل الحلول التقنية حيث تعجز الأنظمة الصحية التقليدية عن تلبية احتياجات السكان النازحين.
الدكتور وحيد آريان، مؤسس Arian Wellbeing، عرض تجربته في إنشاء خدمة تقييم نفسي عبر الإنترنت موجهة خصيصاً للمهاجرين. وبعد أن فرّ من أفغانستان في صغره، أسس مؤسسة Arian Teleheal التي تمكّن الأطباء في مناطق النزاع من استخدام الهواتف الذكية للتشاور مع متخصصين عالميين. ويعتمد هذا النموذج على مراعاة اللغة والثقافة وكذلك الصدمات التي يعاني منها اللاجئون قبل النزوح وأثناءه وبعده.
في لبنان، أظهر تدخل رقمي عام 2020 نتائج لافتة في علاج الاكتئاب بين اللاجئين السوريين. شمل البرنامج 569 مشاركاً بمتوسط عمر 31 عاماً وأكثر من نصفهم نساء. حصل المشاركون على دعم أسبوعي عبر الإنترنت أو الهاتف، إضافة إلى متابعة بعد ثلاثة أشهر. وأثبتت النتائج أن الذين تلقوا إرشاداً رقمياً عن بُعد من مساعدين غير متخصصين لكن مدرَّبين، تحسنت صحتهم النفسية ووظائفهم بدرجة أكبر بكثير من أولئك الذين تلقوا الرعاية التقليدية.
لكن رغم الوعود التي تقدمها هذه الابتكارات، سلط المؤتمر الضوء على تحديات جدية، خاصة في ما يتعلق بخصوصية البيانات وإثبات الهوية. وأشارت المحامية ناديا كاظم، الرئيسة التنفيذية لشركة Naq Cyber، إلى أن كثيراً من اللاجئين لا يملكون وثائق هوية قانونية ثابتة، مما يعقّد حماية سجلاتهم الصحية. وقالت: "لكل إنسان الحق في الخصوصية، ويشمل ذلك بياناته"، مؤكدة أن الامتثال والتنظيم يمثلان أولويات عاجلة لمقدمي الصحة الرقمية مع الفئات الضعيفة.
وفي مثال آخر على التوسع، تعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على إطلاق نظام موحد للسجلات الطبية الإلكترونية في 143 مركزاً صحياً يخدم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا والأردن ولبنان والضفة الغربية وغزة. ومن المقرر أن يحل هذا النظام السحابي عام 2026 محل المنصة القديمة المتجزئة، حيث سيديره آلاف الموظفين لتعزيز التنسيق وسهولة الوصول وجودة الرعاية.
وشدد المشاركون في المؤتمر على أن نجاح الصحة الرقمية للاجئين يتطلب شمولية مع رقابة صارمة، بما يضمن الملاءمة الثقافية، حماية البيانات الحساسة، وتأمين التمويل المستدام. كما دعوا صناع السياسات والمبتكرين التقنيين والوكالات الإنسانية إلى تجاوز مرحلة التجارب التجريبية نحو دمج الصحة الرقمية في الأنظمة الرسمية للرعاية الخاصة بالنازحين.
ومع استمرار أزمات النزوح عالمياً، قد تقدم هذه الأدوات الرقمية حلولاً قابلة للتوسع وذات كلفة معقولة لتوفير الرعاية الصحية حيث البنى التحتية التقليدية منهكة. غير أن نجاحها سيظل مرهوناً بمدى قدرتها على معالجة قضايا الأخلاقيات، الهوية، أمن البيانات، والاستدامة طويلة الأمد.


