
بيروت (إنمايا نيوز) — 25 سبتمبر/أيلول 2025
في الجامعات اللبنانية، تبرز موجة جديدة من الشابات اللواتي يتقدمن لتولي الأدوار القيادية، محولات الفصول الدراسية ومساحات الحرم الجامعي إلى ساحات للنشاط المدني والمناصرة والتغيير الاجتماعي. في ظل الأزمات الاقتصادية، تتحدى هؤلاء الطالبات العوائق، يجدن أصواتهن، ويعيدن تعريف القيادة لجيلهن.
بدعم من الأمم المتحدة في لبنان وتحت إشراف المنسق المقيم للأمم المتحدة، تعمل الوكالات الأممية على تمكين النساء من تطوير مهارات القيادة وتعزيز المساواة بين الجنسين ودفع عجلة التنمية المستدامة. ففي عام 2024 وحده، اكتسب أكثر من 13 ألف شخص مهارات جديدة لدخول سوق العمل، وكانت النساء يمثلن 60% منهم. كما حسنت أكثر من 2,600 مؤسسة تعاونية وتجارية ممارساتها الإدارية، وكان معظمها تحت قيادة النساء.
ورغم هذه الإنجازات، لا تزال النساء ممثلات تمثيلاً ضعيفاً في السياسة، حيث يشغلن أقل من 7% من مقاعد البرلمان، وغالباً ما تُهمش أصوات الشباب. ويشير الخبراء إلى أن هذه التغييرات قد تبدو طفيفة، لكنها تمثل حركة متنامية في الحياة المدنية، حيث لا يقتصر دور الشابات على المشاركة فحسب، بل يمتد إلى القيادة.
ومع ذلك، تظل الجامعات مساحات تواجه فيها الشابات عقبات هيكلية، تشمل محدودية المشاركة، والأعراف الاجتماعية المقيدة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وللتعامل مع هذه التحديات، يهدف البرنامج المشترك للأمم المتحدة "مشاركة النساء في القيادة" (WIPL)، بقيادة هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى تمكين الشابات من تجاوز هذه الحواجز وخلق بيئات آمنة للحوار وتطوير القيادة.
من الصمت إلى القيادة: ريم ودانا
كانت ريم حرزالله، طالبة في جامعة بيروت العربية تتجنب المشاركة في النقاشات المحتدمة. وقالت: «كنت أعتقد أن لي دوراً محدوداً عندما يحتدم النقاش. كنت أظن أن القيادة للذين هم أكثر صوتاً مني».
اليوم، تقود ريم هذه النقاشات حول المساواة بين الجنسين، مستخدمة تقنيات التفاوض التي تعلمتها عبر البرنامج للمشاركة بفعالية في مناقشات كانت تجدها مخيفة سابقاً.
وأضافت: «الآن أعرف كيف أقود هذا الحوار. أفهم دورنا كفتيات شابات في تشكيل الأماكن التي ننتمي إليها».
وشارك نحو 250 شابة في ورش عمل ومبادرات مجتمعية، مكتسبات مهارات قيادية وثقة بالنفس ومساحات آمنة للمشاركة المدنية، في أربع جامعات رئيسية.
تتذكر دانا الحاج من الجامعة الأميركية في بيروت شعورها بالعزلة خلال سنتها الأولى حين قالت: «لم أكن أعرف ماذا أتوقع، وشعرت بالوحدة التامة».
وبعد انضمامها للبرنامج، بدأت دانا بالمشاركة الفعّالة، وتوجيه زميلاتها، وتولي أدوار قيادية. شغلت منصب الأمين العام لنموذج الأمم المتحدة، وترأست لجنة هيئة الأمم المتحدة للمرأة المعنية بالنساء والسلام والأمن، كما تولت مناصب قيادية في نادي اليونيسيف وجمعية الدراسات السياسية، داعمة قضايا النساء والعمال المهاجرين.
وقالت دانا: «أحب الآن مساعدة الشابات الأصغر مني اللواتي يشبهنني، سواء في الدراسة أو النوادي أو الحياة الجامعية».
القدوات التي تلهم التغيير: ليوني وجنا
بالنسبة للبعض، جاء التحفيز من لقاء نساء قياديات يمثلن ما يمكن تحقيقه، فقالت ليوني لواندوس: «تغير كل شيء عندما حضرت حواراً تسهله الأمم المتحدة مع أعضاء البرلمان حول مشاركة النساء السياسية. لم يكتفين بمواجهة النظام، بل طالبن بمكان داخل النظام. أظهرن لنا أننا لا نحتاج إلى إذن؛ نحن بالفعل نملك مكاننا على الطاولة كمواطنات متساويات».
وقد استُلهمت جنا خيرالدين من خطاب النائبة حليمة قعقور في البرلمان: وقالت: «لدينا الحق في أن تُسمع أصواتنا ليس فقط في القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي، بل في كل القضايا. نحن على قدم المساواة مع الرجال وكل الموجودين على الطاولة، ونستحق الاحترام».
المسرح كمنصة للتعبير: نهاد
يشمل البرنامج أيضاً استخدام الفن والمسرح كأداة لتطوير القيادة والتعبير عن الذات. وجدت نهاد حجي من الجامعة اللبنانية تمكيناً في ورش العمل المسرحية التي تنظمها أونديس.
وقالت: «كل لحظة عملنا فيها معاً شعرت بتغيير داخلي. أنشأنا مساحة آمنة خالية من الأحكام، حيث كان صوت كل شخص مهماً».
والآن تقود نهاد ورش عملها الخاصة في السرد القصصي، مستخدمة التعبير الإبداعي لتحويل التحديات الشخصية والجماعية إلى قوة وصمود. وأكدت هالة داللول من جامعة القديس يوسف شعورها بالمثل:
وقالت: «رغم كل التحديات، لم نفوت أي جلسة. أصبح [المسرح] مساحتنا الآمنة. نمونا ليس فقط كطالبات، بل كصانعات تغيير».
من التعلم إلى العمل
تتجاوز تأثيرات البرنامج المناصرة لقضايا النوع الاجتماعي. ففي الجامعة العربية في بيروت، أطلق الطلاب حملات بيئية لتعزيز السلوكيات الصديقة للبيئة، ودعموا المشاركة الديمقراطية في الحرم الجامعي من خلال الانتخابات الطلابية والحوار السياسي.
وقالت جنا: «ما يجمع هذه التجارب هو إعادة تعريف القيادة. القيادة ليست مسألة تسلسل هرمي أو الأصوات العالية، بل هي الشمولية، والشجاعة، وخلق مساحة للآخرين ليتولوا القيادة. الآن، عندما أتحدث، لم أعد أتساءل عما إذا كنت أنتمي. أعلم أنني أنتمي، وسأبقي هذه المساحة مفتوحة للآخرين أيضاً، لضمان سماع النساء واحترامهن في جميع القضايا».
المصدر: مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة