باريس (أخبار إنمائية) — 29 سبتمبر/أيلول 2025

مع التحولات السريعة التي يُحدثها الذكاء الاصطناعي في المجتمعات، تُحذّر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الدول من ضرورة معالجة تأثيراته على التعليم والعدالة وحقوق الإنسان، وفقًا لتقرير جديد.

يفحص التقرير كيف تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة على الوصول إلى التعليم وجودته وإدارته، ويستعرض آثارها على الخصوصية والحقوق الثقافية والحماية من العنف.

يُعدّ التعليم حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان يجب أن يكون متاحًا وقابلًا للوصول وملائمًا ومتكيفًا مع احتياجات الطلاب. وتشدد اليونسكو في تقريرها على أن تلبية هذه المعايير أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى في العصر الرقمي.

يطرح التقرير ثلاثة أسئلة رئيسية: ما هي المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تنطبق على عمليات الرقمنة في التعليم؟ ما هي الفرص والتحديات المرتبطة بدمج الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يمكن تعزيز الأطر التنظيمية لضمان حماية الحق المتطور في التعليم؟

وللإجابة على هذه التساؤلات، يستخدم التقرير إطار العمل المعروف بـ«5C» الخاص باليونسكو، الذي يشمل التنسيق والقيادة، والمحتوى والحلول، والقدرات والثقافة، والاتصال والبنية التحتية، والتكلفة والاستدامة.

أصبح الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة والتقنيات الرقمية أمرًا ضروريًا للتعلم، إلا أن الوصول العالمي ما زال غير متكافئ. ففقط 40% من المدارس الابتدائية، و50% من المدارس الإعدادية، و65% من المدارس الثانوية العليا تمتلك اتصالًا بالإنترنت. وتتباين نسب الوصول بشكل كبير بين المناطق: إذ تتراوح نسب الاتصال بين 80% و90% في أوروبا والأمريكتين ودول رابطة الدول المستقلة، لكنها تنخفض إلى 64% في دول آسيا والمحيط الهادئ و40% في إفريقيا.

وتعاني المناطق الريفية في الدول الأقل نموًا من انخفاض نسب الاتصال إلى 14% أحيانًا. كما تُفاقم عوامل مثل الجنس والإعاقة واللغة والعمر الفجوة الرقمية. وتحذر اليونسكو من أنه دون توفير وصول عادل ومستدام للأدوات الرقمية، فإن العديد من المتعلمين قد يُتركوا خلف الركب.

يشير التقرير إلى أن التعليم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحقوق الأخرى مثل الخصوصية والاستقلالية والتعبير الثقافي. ومع تزايد دمج الذكاء الاصطناعي في نظم التعليم، تبرز تساؤلات حول جمع البيانات واستخدامها الأخلاقي والشمولية، خصوصًا للطلاب الناطقين باللغات الأقل تمثيلًا على الإنترنت.

تُحدد اليونسكو مجموعة من التحديات المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التحيز والمساءلة والحماية والتنوع الثقافي واللغوي. وتدعو المنظمة الدول إلى دمج حماية حقوق الإنسان في بيئات التعلم الرقمية، مع التركيز على التنسيق والمحتوى والقدرات والاتصال والتكلفة.

ومنذ عام 2024، دعمت اليونسكو 58 دولة في تطوير أطر الكفاءات الرقمية والذكاء الاصطناعي للمعلمين وصناع السياسات. وتوفر توجيهاتها، بما في ذلك توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، خارطة طريق لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بطريقة أخلاقية وعادلة ومركزها الإنسان.

ويأتي هذا التقرير ضمن مبادرة اليونسكو حول «الحق المتطور في التعليم»، التي تستكشف كيفية تطوير الأطر الدولية لحقوق الإنسان لتواكب تنوع المجتمعات وتغيراتها السريعة.