
العالم (خاص إنمائية) - 10 تشرين الثاني 2025
يُفتتح اليوم مؤتمر الأطراف الثلاثون (COP30) لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ في مدينة بيليم البرازيلية، الواقعة في قلب الأمازون، والتي ترمز إلى ما هو على المحك في المعركة العالمية ضد تغيّر المناخ.
مع انطلاق المفاوضات، يسود شعور مزدوج بين الإلحاح وعدم اليقين. فللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود من المحادثات المناخية الدولية، تغيب الولايات المتحدة , إحدى أكبر الدول المسببة للانبعاثات وصاحبة الدور المحوري في صياغة الاتفاقات السابقة, على المستوى الرفيع. كما أن قادة اقتصادات كبرى أخرى، مثل الصين وروسيا واليابان وأستراليا، لم يحضروا المؤتمر.
هذا الغياب يثير سؤالًا جوهريًا: هل يمكن للتعاون الدولي في مواجهة تغيّر المناخ أن يتقدّم في غياب الدول الرئيسية عن طاولة المفاوضات؟
من غاب عن طاولة المفاوضات؟
بعد مرور عشر سنوات على اتفاق باريس، الذي وحّد تقريبًا جميع الدول حول هدف حصر الاحترار العالمي بأقل بكثير من درجتين مئويتين، تبقى النتائج متباينة. فما زالت الانبعاثات العالمية ترتفع، وإن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه سابقًا — بزيادة سنوية تبلغ نحو 0.3% مقارنة بـ1.7%.
إنجازات وتناقضات
في العقد الذي سبق اتفاق باريس. ويعكس هذا التباطؤ تحوّلات في أنظمة الطاقة، وتحسين الكفاءة، والتوسّع غير المسبوق في استخدام الطاقة المتجددة حول العالم. فقد وصلت القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة إلى مستويات قياسية، إذ أضاف العالم في عام 2024 وحده نحو 585 غيغاواط من الطاقة المتجددة الجديدة، بزيادة 15% عن العام السابق. وتشكل الطاقة الشمسية والرياح أكثر من أربعة أخماس محطات توليد الطاقة الجديدة.
بين الوعود والواقع
رغم هذا النمو اللافت، لا يزال مسار التحوّل العالمي بعيدًا عن تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، حيث تظلّ الوقود الأحفوري المهيمن على أنظمة الطاقة في العديد من المناطق.
تتصدّر الصين اليوم العالم في الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المرتبطة بها، وتصدّر الألواح الشمسية والبطاريات والمركبات الكهربائية إلى مختلف القارات. كما تلعب الاقتصادات الناشئة، من البرازيل إلى الهند وجنوب أفريقيا، أدوارًا متزايدة في دفع التحوّل في قطاع الطاقة من خلال الابتكار والتعاون الإقليمي.
ومع ذلك، فإن غياب كبار المسبّبين للانبعاثات عن الجلسات رفيعة المستوى هذا العام يسلّط الضوء على تحدٍ أعمق: تغيّر المناخ أزمة مشتركة تتطلب مسؤولية مشتركة. ويشير بعض المراقبين إلى أن المفاوضات قد تسير بوتيرة أسرع دون العقبات السياسية لبعض الدول، إلا أن التقدّم المستدام يعتمد على المشاركة العالمية، خصوصًا في ما يتعلق بتمويل المناخ، والتكيّف، ونقل التكنولوجيا.
في الوقت ذاته، بدأت المجتمعات حول العالم بالتكيّف مع الواقع الجديد. فالمزارعون يجرّبون محاصيل مقاومة للجفاف، والمدن الساحلية تعيد تصميم بنيتها التحتية لمواجهة ارتفاع مستوى البحار، والتعاونيات المحلية تطلق برامج تأمين مصغّرة لحماية العمّال من موجات الحرّ الشديدة. هذه الجهود واعدة، لكنها تحتاج إلى دعم دولي مستمر.
ومع انطلاق COP30، تبدو الرسالة واضحة: لم يعد أمام العالم وقت للانتظار. سواء حضرت جميع الدول الكبرى أم غابت، فإن مستقبل الكوكب يعتمد على العمل الجماعي، وعلى تحويل الوعود إلى تقدّم ملموس من بيليم.




