
لبنان (خاص إنمائية) - 14 تشرين الثاني 2025
في 11 نوفمبر 2025، أعلن وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، عن استكمال مشروع قانون الإعلام، واصفًا إياه بـ"اليوم التاريخي المنتظر منذ زمن طويل".
وأكد جورج عدوان، رئيس لجنة الإدارة والعدل، أن اللجنة قد أنهت صياغة المشروع، وأنه سيُرسل قريبًا إلى الجمعية العامة لمناقشته وإقراره.
رحلة طويلة نحو الإصلاح
بدأت المناقشات حول تحديث قانون الإعلام اللبناني لأول مرة في نوفمبر 2010، عندما تم تسجيل مشروع قانون مشترك بين مؤسسة مهارات والنائب غسان موخّيبر في البرلمان كـ "مشروع قانون 441/2010، وفقًا لمؤسسة مهارات.
وفي يناير 2023، تم تشكيل لجنة فرعية برلمانية لمراجعة المشروع وتعديله. وتم تقديم النسخة النهائية إلى لجنة الإدارة والعدل في 27 مايو 2025. وقد تضمن المشروع حماية رئيسية لحرية التعبير، بما في ذلك إلغاء الاحتجاز الاحتياطي والعقوبات السجنية على الجرائم المتعلقة بالكلام، وإلغاء نصوص القدح والقذف الجنائية.
بدأت اللجنة مناقشاتها الرسمية في 29 يوليو 2025، وعقدت ثلاث جلسات حتى الآن، وتظل هذه المناقشات سرية بموجب القواعد البرلمانية.
وفي 31 أغسطس، تسلم النواب مقترحات تعديلات نُسبت في البداية إلى وزير الإعلام، الذي نفى ذلك، وكانت هذه التعديلات ستعيد الاحتجاز الاحتياطي في بعض الحالات، بما في ذلك "في الظروف المشددة مثل المساس بكرامة الأفراد أو حياتهم الخاصة".
حرية التعبير على المحك
منذ عام 2010، أثار مشروع قانون الإعلام جدلًا واسعًا بين المؤيدين، الذين يرون أن الإصلاحات قد تُحدث تحديثًا للإطار الإعلامي في لبنان، والنقاد الذين يخشون العواقب المحتملة.
من المقترحات إلغاء محكمة المطبوعات واستبدالها بمحكمة مدنية عادية يحاكم فيها الصحفيون والعاملون في الإعلام. وقال جوزيف القصيفي، رئيس نقابة محرري لبنان، لإنمائية: "هذا سيُلغي المحكمة المتخصصة بالقضايا المتعلقة بالنشر، ويمكن اعتباره خطوة إيجابية نحو تبسيط العملية القضائية".
وتجاوزت المخاوف المتعلقة بالمشروع نطاق الصحافيين. ففي 16 سبتمبر 2025، أصدرت 14 منظمة حقوقية لبنانية ودولية بيانًا تحذر فيه من أن هذه التغييرات قد تُضعف الحماية الممنوحة لحرية التعبير. ودعت المنظمات البرلمان إلى رفع السرية عن مناقشات المشروع ومعارضة أي تدابير قد تهدد استقلالية الإعلام، بما في ذلك إعادة الاحتجاز الاحتياطي أو معاقبة القدح.
وفي 8 نوفمبر، انتقد القصيفي المشروع، مشيرًا إلى وجود ثغرات كبيرة، ودعا لجنة الإعلام والاتصالات البرلمانية إلى تجميد القانون وإعادة النظر فيه. كما حث وزير الإعلام على عدم استعجال إصدار قانون ناقص قد يُقوض جهود تحسين تنظيم الإعلام.
وقال القصيفي لإنمائية: "كنقابات، لم نُشارك في مناقشات المشروع ككل، ولم نطلع على النص الكامل. همنا الرئيسي يتعلق بالنصوص التي تؤثر مباشرة على الصحفيين وحرية الإعلام". وأضاف: "لذلك نحن قلقون من التأثيرات السلبية المحتملة، سواء كانت مقصودة أم لا، ونرى أنه من المهم رفع هذه المسألة للنقاش".
إطار إعلامي قديم
لطالما انتُقد الإطار القانوني للإعلام اللبناني لكونه قديمًا، إذ لا يزال يعمل وفقًا لقانون المطبوعات لعام 1962 وقانون الإعلام السمعي والبصري لعام 1994.
وقال جاد شحرور، المتحدث باسم مؤسسة سمير قصير،لإنمائية: "القانون الحالي لم يُحدَّث منذ ما قبل ظهور الإنترنت، ويحتوي على عبارات غامضة شكّلت طريقة عمل الإعلام في البلد".
وينصّ المادة 384 من قانون العقوبات اللبناني على السجن من ستة أشهر إلى سنتين لمن يهين الرئيس أو العلم الوطني أو شعار الدولة. وبالمثل، تُجرِّم المادة 157 من قانون القضاء العسكري إهانة العلم أو الجيش، مع عقوبات تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات.
وتشير منظمة "Human Rights Watch" إلى أن هذه القوانين تتعارض مع التزامات لبنان الدولية لحماية حرية التعبير. وقد أثارت عدة اعتقالات بموجب
الصحفيون على مفترق طرق
رغم الجدل الدائر، يُنظر إلى مشروع قانون الإعلام من قبل البعض كفرصة نادرة للتقدم، مقدّمًا بصيص أمل لمشهد إعلامي أكثر حداثة وعدالة.
وقال شحرور: "استخدام دولة أخرى كنموذج لن ينجح، لأن لا دولة اليوم لديها سجل مثالي في حرية التعبير. كل سياق مختلف، وحتى في الولايات المتحدة، يواجه الصحفيون قيودًا، مثلًا عند تغطية العنف السياسي في قضية جيمي كيميل".
وأكد أن أصوات الصحفيين وخبراء المجتمع المدني يجب أن تكون محورية في صياغة الإصلاحات الإعلامية.
وأضاف شحرور: "تم الاستماع إلى آرائهم في الماضي، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا تم تضمين توصياتهم بالكامل في مشروع القانون، ما يبرز الحاجة إلى اتخاذ قرارات شاملة ومستنيرة".
بالنسبة للصحفيين اللبنانيين والمجتمع المدني والمواطنين على حد سواء، يمكن أن يشكل تمرير هذا القانون نقطة تحول تحدد حدود حرية الصحافة وتشكل المشهد الإعلامي في البلاد لسنوات قادمة.




