
بيروت (خاص إنمائية) – 16 كانون الأول 2025
يعيش المراهقون في لبنان واقعًا معقدًا يجمع بين الشاشات، الضغوط النفسية، والمطالب الاجتماعية – تحديات تفاقمت بفعل الأزمات المستمرة في البلاد. في 16 ديسمبر، أطلقت الحكومة الحملة الوطنية لصحة المراهقين: الترند الصحي، حملة تهدف إلى تزويد الشباب بالأدوات اللازمة للعيش بصحة وسلامة رغم هذه العقبات.
انطلاق الحملة برعاية رسمية
أُطلقت الحملة تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور نواف سلام، وبقيادة السفيرة سحر بعاصيري، خلال حفل حيوي في السرايا الحكومية في بيروت. حضر الحدث كل من وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين، وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، وزيرة الشباب والرياضة الدكتورة نورا بايرقداريان، وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد، النائبة عناية عزالدين، وممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر، بالإضافة إلى مجموعات شبابية وكشافة وشركاء مجتمعيين ومسؤولين حكوميين.
مؤشرات مثيرة للقلق
أظهرت نتائج مسح الصحة المدرسية العالمي 2024 تحديات كبيرة تواجه المراهقين اللبنانيين، من حوادث الطرق، وقلة النوم، واستخدام الشاشات بشكل مفرط، إلى مشاكل التغذية والنشاط البدني والصحة النفسية، بالإضافة إلى التعاطي المبكر للتبغ والكحول والمخدرات.
يعاني نحو 36% من المراهقين من زيادة الوزن أو السمنة، ويأكل نصفهم الفواكه أو الخضار أقل من مرة واحدة يوميًا، بينما لا يمارس 80% منهم النشاط البدني يوميًا، ويقضي 63% أكثر من ثلاث ساعات جالسين يوميًا.
أما بالنسبة للتدخين، فقد أقر 29% بأنهم يدخنون حاليًا، منهم 16% سجائر و24% سجائر إلكترونية، وكان 62% قد جربوا أول سيجارة قبل سن الرابعة عشرة. وبالنسبة للكحول، أشار 11% إلى تعاطيهم له، مع شرب 42% منهم مشروبين أو أكثر يوميًا، و65% جربوا أول مشروب كحولي قبل سن الرابعة عشرة.
وفيما يتعلق بالمخدرات، استخدم 3% القنب، وجرب 3% الأمفيتامينات، و25% تناولوا أدوية نفسية بدون وصفة طبية، بينما تناول 17% مهدئات أو حبوب نوم، و79% جربوا المخدرات قبل سن الرابعة عشرة.
كما أظهرت البيانات أن 19% من المراهقين يشعرون بالوحدة غالبًا، و27% يعانون من التوتر والقلق بانتظام، بينما يستخدم أكثر من 7,000 طالب النقل العام يوميًا، ما يسلط الضوء على التحديات والفرص في الوقت نفسه.
استراتيجية وطنية
صوّر المسؤولون الحكوميون الحملة على أنها نقطة انطلاق لإصلاح منسّق يشمل المدارس والخدمات الصحية والسياسات العامة.
وشدّدت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي على أن حماية المراهقين تبدأ بالإنصات إلى أصواتهم، معتبرةً أن هذه الحملة تشكّل التزامًا واضحًا من وزارة التربية بمواصلة هذا المسار والبناء عليه في السنوات المقبلة.
كما أكدت أهمية اعتماد نهج وقائي ينطلق من المدارس، مشيرة إلى أن الوعي بالصحة النفسية يجب أن يصبح جزءًا أساسيًا من النظام التربوي، لا مسألة ثانوية أو مؤجلة.
أبرزت السفيرة بعاصيري أهمية صحة المراهقين، مخاطبة أكثر من 900 ألف شاب لبناني، وحثتهم على اتخاذ خيارات يومية تحمي صحتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية. وشددت على الاستخدام الواعي للتكنولوجيا، مؤكدة أن الحياة الواقعية تتجاوز الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، ودعتهم إلى أن يكونوا “مَنَاح” ويمثلوا الترند الصحي.
أكد وزير الصحة العامة، الدكتور ناصر الدين، أن الحملة أكثر من مجرد نشاط إعلامي؛ إنها جهد إصلاحي ووطني يستند إلى الأدلة العلمية ويعزز من خلال التعاون متعدد القطاعات.
وأوضح أن الوزارة شكلت لجنة وطنية متعددة القطاعات لتطوير الاستراتيجية الوطنية لصحة المراهقين، استنادًا إلى إطار AA-HA العالمي، الذي يهدف إلى تحسين الصحة العامة للمراهقين بين 10 و19 عامًا، وتقليل المخاطر، مع مواءمته للواقع الوطني.
واختتم الوزير مؤكداً: “لتكن هذه المبادرة بداية التزام جماعي يحمي أبنائنا ويوفر لهم بيئة مدرسية ومجتمعية آمنة وداعمة.”



